المغرب يتحرك لقطع الطريق على محاولات تهميشه في الملف الليبي

يعمل المغرب على استعادة زمام المبادرة في الملف الليبي في ظل تزايد التنافس الإقليمي والدولي للسيطرة على الملف.

ويعكس تعمد عدم دعوة المغرب لمؤتمر برلين الذي عقد حول ليبيا في الـ19 من يناير الماضي محاولات لاستبعاده من الملف الذي كان له دور بارز فيه حيث استضاف طيلة سنة 2015 جولات الحوار بين الفرقاء الليبيين والتي انتهت بتوقيع اتفاق الصخيرات.

وفي أولى خطواته لاستعادة دوره في الملف الليبي، استقبل المغرب وزير الخارجية بالحكومة المؤقتة (غير معترف بها دوليا) عبدالهادي الحويج الجمعة، حيث أجرى مباحثات مع نظيره المغربي ناصر بوريطة.

وعقب اللقاء قال الحويج إن “الأشقاء في المغرب ملكا وحكومة وشعبا بذلوا خلال 2015 جهودا توجت بتوقيع اتفاق الصخيرات”، لافتا إلى أن “الاتفاق كان جيدا لكنه لم ينفذ حيث تم تجاهل بند الترتيبات الأمنية الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات وإخراجها من العاصمة طرابلس وباقي المدن، كما تم أيضا تجاهل البند المتعلق بالمصالحة الوطنية”.

ولفت الحويج إلى أنه سيتم إطلاق حوار بعد تحرير العاصمة طرابلس من الميليشيات لافتا إلى إمكانية الاستئناس بتجربة الإنصاف والمصالحة المغربية.

وأوضح أن اللقاء الذي جمعه بوزير الخارجية المغربي بحث مجموعة من القضايا المشتركة أهمها رفض التدخل الخارجي ومحاولات الغزو التركي ورفض نشر المرتزقة مشددا على ضرورة أن تكون في ليبيا دولة موحدة وجيش قوي يحمي الحدود ويمنع انتشار السلاح ويوقف الهجرة غير الشرعية.

خالد المشري: اتفاق الصخيرات يشكل قاعدة مرجعية قانونية لأيّ حل للأزمة الليبية

ومن المتوقع أن يستضيف المغرب خلال الفترة المقبلة جولة من المحادثات بين الفرقاء الليبيين حيث تباحث بوريطة السبت، هاتفيا مع رئيس مجلس الدولة والقيادي في حزب العدالة والبناء الإخواني خالد المشري الذي أكد أن اتفاق الصخيرات يشكل “قاعدة مرجعية قانونية” لأيّ حلّ للأزمة الليبية معربا عن ترحيبه باستضافة المغرب حوارا جديدا بين الليبيين. ومجلس الدولة جسم استشاري منبثق عن اتفاق الصخيرات يضم أعضاء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته المؤيدين للاتفاق.

ويقول مراقبون إن المغرب الذي راكم خلال السنوات الماضية خبرة في الملف الليبي حيث استضاف لقاءات بين الفرقاء الليبيين حتى بعد توقيع اتفاق الصخيرات مؤهل للعب دور أكثر من بقية البلدان وخاصة تونس والجزائر اللتان تحتاج فيهما السلطات الجديدة إلى وقت لاستيعاب تشعبات الأزمة الليبية وتفاصيلها.

وفي حين يبدو الموقف التونسي مرتبكا مما يحدث في ليبيا، تحاول الجزائر تدارك تراجع دورها في الملف خلال السنوات الماضية من خلال تقديم نفسها كحلقة وصل بين الدول الفاعلة في الأزمة وبين الفرقاء الليبيين أنفسهم، حيث استقبلت خلال الفترة الماضية عددا من المسؤولين العرب والغربيين كان آخرهم وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود.

كما قام وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بزيارة إلى شرق ليبيا التقى خلالها بالقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر وهي الزيارة التي جاءت لتكسر البرود في العلاقات بين الطرفين.

ولا يستبعد مراقبون أن يكون لتركيا والجزائر دور في إقصاء المغرب من مؤتمر برلين الذي كان يروّج له على أنه مؤتمر مفصلي لوضع أسس التسوية للحرب القائمة في البلاد، في مسعى لاستبعاده وتهميشه من الملف.

وعرفت العلاقات التركية الجزائرية تقاربا خلال الفترة الماضية عكسته الزيارات المتتالية للمسؤولين الأتراك إلى الجزائر وكانت آخرها زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان وهو ما حمل في طياته تأييدا جزائريا غير مباشر للتدخل العسكري التركي في ليبيا.

وسجل المغرب عشية المؤتمر احتجاجه على عدم دعوته حيث أصدرت وزارة الشؤون الخارجية بيانا استغربت فيه تغييب المغرب من المؤتمر، متعهدة بالاستمرار في الانخراط “إلى جانب الأشقاء الليبيين والبلدان المعنية، والمهتمة بصدق، من أجل المساهمة في إيجاد حل للأزمة الليبية”.

وتشهد العلاقات التركية المغربية برودا غير مسبوق يعدّ الملف الليبي أحد أسبابه، حيث استدعى المغرب نهاية ديسمبر الماضي سفيره في أنقرة محمد علي الأزرق.

ورغم عدم صدور موقف رسمي واضح للرباط بشأن إرسال أنقرة لقواتها إضافة إلى المرتزقة السوريين لمساندة الميليشيات في طرابلس إلا أن مراقبين يؤكدون انزعاجها الذي ينبع من إيمانها بخطورة تحويل ليبيا إلى “مكبّ” للمتطرفين السوريين على الأمن المغاربي.

ويقلق سعي أنقرة للهيمنة على أفريقيا المغرب وينظر إليها كتهديد لمشروعه الأفريقي حيث حرص المغرب خلال السنوات الماضية على تعزيز دوره في القارة السمراء وعقد العديد من الصفقات مع عدد من البلدان الأفريقية.

وتنظر تركيا لليبيا كبوابتها الرئيسية للتغلغل في أفريقيا لذلك تحاول جاهدة إنقاذ الميليشيات الإسلامية في العاصمة الليبية ومنع سيطرة الجيش على طرابلس.

وفي المقابل برزت مؤخرا بوادر تقارب مصري مغربي بشأن ليبيا بدأت منذ الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى القاهرة منتصف العام الماضي، وانتقد خلالها عدم تطبيق حكومة الوفاق للبنود المتعلقة بالترتيبات الأمنية الواردة في اتفاق الصخيرات والتي تهدف إلى وضع حد لهيمنة الميليشيات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: