تحرك ألماني لتجريد أردوغان من ورقة المهاجرين

تتوجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الشهر القادم لأنقرة في زيارة ستخصصها لبحث ملف اللاجئين والمهاجرين الذي يحاول النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان من خلاله ابتزاز الأوروبيين لحشد دعم وتأييد من التكتل الأوروبي لتحركات تركية لتعزيز نفوذها أو تحصيل موارد مالية يدعم بها أردوغان الاقتصاد التركي المتهالك.

تعتزم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل زيارة تركيا الشهر المقبل في وقت تكثف فيه أنقرة من تحركاتها على أكثر من صعيد بهدف تعزيز نفوذها تارة وإنقاذ حلفاء لها تارة أخرى على غرار ما تسعى لفعله في ليبيا.

ولكن يبدو أن زيارة المستشارة الألمانية لا تهدف إلى حث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على العدول عن بعض السياسات التي قد تجر الشرق الأوسط إلى مزيد من الفوضى والعنف بقدر ما هي زيارة للتباحث بشأن اللاجئين والمهاجرين لاسيما بعد التهديدات التي يطلقها النظام التركي لابتزاز الأوروبيين.

وأفاد متحدث باسم الحكومة الألمانية أن ميركل تعتزم خلال زيارتها دعوة نظيرها التركي إلى احترام اتفاق كبح تدفق المهاجرين الذي أبرمه مع الاتحاد الأوروبي، في خطوة تعكس الخوف من أن الصراع في سوريا قد يتسبب في موجة جديدة من اللاجئين، وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية.

وحذر أردوغان، الأحد الماضي، من أن بلاده التي تستضيف بالفعل 3.7 مليون لاجئ سوري، لن تتمكن من التعامل مع وصول موجة جديدة منهم، إذا أسفرت المحاولات السورية الروسية لاستعادة السيطرة على محافظة إدلب من يد المعارضة المسلحة، عن فرار المزيد من منازلهم.

وقال إن أكثر من 80 ألف شخص من محافظة إدلب يتحركون صوب الحدود التركية فرارا من القصف.

وقال أردوغان إن تركيا “لن تحمل على كاهلها عبء اللاجئين”، مضيفا أن “كل الدول الأوروبية وتحديدا اليونان ستلمس الأثر السلبي”.

وقال الرئيس التركي إنه “حينئذ سيكون من المتعذر تجنب رؤية مشاهد مشابهة لما قبل 18 مارس”، في إشارة إلى تاريخ إبرام اتفاق عام 2016 بين تركيا والاتحاد الأوروبي وبموجبه وافقت أنقرة على الحد من الهجرة إلى أوروبا.

وأحجمت متحدثة باسم الحكومة الألمانية عن تأكيد تقرير الصحيفة، وقالت إن خطط الزيارات التي تقوم بها ميركل تعلن في العادة في الأسبوع الذي يسبق الزيارة.

وكان آخر لقاء جمع ميركل بأردوغان في ديسمبر في لندن حيث ناقشا الموقف في سوريا مع
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على هامش قمة لحلف شمال الأطلسي.

وطغى آنذاك على لقاءات أردوغان بحلفاء تركيا في حلف الناتو تشنج كبير لاسيما من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي انتقد بلهجة حادة تعامل أنقرة مع التنظيمات المسلحة التي تنشط في سوريا واتهمها بدعم تنظيمات إرهابية.

زيارة مرتقبة لميركل إلى أنقرة لبحث ملف اللاجئين

وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق على تقديم مساعدة مالية للاجئين السوريين في تركيا مقابل فتح أنقرة أبوابها لهم.

وفي سياق المساعي الألمانية في ملفّ اللاجئين، طالب حزب الخضر الألماني بإعادة طرح مشروع القرار الأممي بشأن تقديم مساعدات إنسانية لسوريا.

وقالت خبيرة شؤون الخارجية في الحزب، فرانتسيسكا برانتنر، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية نُشرت الجمعة، إنه يتعين على الحكومة الألمانية المحاولة مجددا لتمرير القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويُذكر أن روسيا والصين استخدمتا حق النقض (الفيتو) قبيل عيد الميلاد ضد مشروع القرار الذي طرحته ألمانيا لمواصلة تقديم مساعدات إنسانية أممية إلى سوريا.

وقالت برانتنر “يتعين على الحكومة الألمانية طرح مشروع القرار على نحو مُلح الآن مع شركاء آخرين في الجمعية العامة للتغلب من خلالها على العرقلة الروسية والصينية”.

وانتقدت برانتنر استمرار الخلاف في أوروبا حول توزيع اللاجئين وتجاهل أسباب اللجوء، قائلة “في ظل انتباه المجتمع الدولي، يقصف الدكتاتور الأسد بدعم روسيا إدلب بشدة، دون مراعاة للمدنيين أو المستشفيات أو المدارس”، مشيرة إلى أن الوضع في شمال سوريا كارثي، وأضافت “يتعين على الحكومة الألمانية المطالبة بإنهاء القصف.. على الأقل يتعين إجراء إجلاء إنساني من إدلب لمعالجة الأفراد المصابين بإصابات بالغة”.

وطالبت برانتنر أيضا الحكومة الألمانية بزيادة مساعداتها الإنسانية هناك، حيثما تتوفر مداخل مفتوحة، لزيادة مصداقيتها في اهتمامها بالقضايا الإنسانية.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وجهت اتهامات حادة للقيادة السورية وروسيا وإيران بسبب القصف في محافظة إدلب، التي تمثل المعقل الأخير للمتمردين، حيث تسيطر عليها ميليشيات هيئة تحرير الشام المقربة من تنظيم القاعدة.

وأعربت الأمم المتحدة من قبل عن قلقها إزاء الأوضاع. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بإنهاء فوري للأعمال العدائية، مشيرا إلى أن التصعيد الأخير أدى إلى مقتل عشرات المدنيين ونزوح 80 ألف فرد على الأقل، من بينهم 30 ألفا نزحوا خلال الأسبوع الماضي.

ويحاول أردوغان ابتزاز الأوروبيين وترهيبهم بموجة جديدة من اللجوء والمهاجرين مشابهة لتلك التي حدثت في العام 2016 والتي كانت ألمانيا أكبر متضرر منها وهو ما يثير ذعر قيادة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى محاولته استغلال ورقة الدواعش الذين تسجنهم أنقرة لكسب نقاط سياسية تصب في مصلحة تركيا على غرار دعم التوغل العسكري لأنقرة في الأراضي السورية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: