مراكز شبه فارغة في الساعات الأولى من بداية الاقتراع و مظاهرات رافضة للانتخابات الجزائرية

تظاهر المئات وسط العاصمة الجزائرية الخميس احتجاجا على الانتخابات الرئاسية وذلك بعد ساعات من فتح مراكز الاقتراع، وطالب المحتجون بمقاطعة التصويت الذي يصفونه بأنه مجرد مسرحية.

وقال شهود وسكان إن المحتجين شاركوا في مسيرات ببلدات في منطقة القبائل الخميس حيث أغلقت بعض مراكز الاقتراع، كما تم اقتحام وتحطيم مركزين للتصويت في المنطقة ذاتها، تعبيرا عن رفضهم إجراء الاقتراع الذي بدأ الخميس.

وقام محتجون “بتحطيم صناديق التصويت وخربوا قوائم الناخبين” بحسب شهود تحدثوا لوكالة الصحافة الفرسية.

وقال محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في الجزائر، أن 95 بالمئة من مراكز التصويت في البلاد فتحت أبوابها أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، وإنها تعمل بصورة طبيعية، ولكنه اعترف بوجود بعض الصعوبات ” التنظيمية” في بعض المناطق.

وكشف شرفي، في تصريح للتلفزيون الرسمي اليوم الخميس أن 3600 مكتب تصويت من مجموع أكثر من 61 ألف مكتب، تشهد بعض الصعوبات، مشيرا إلى مساع لإعادة الامور إلى نصابها.

وكان بدأ الناخبون في الجزائر التوجه إلى مكاتب الاقتراع التي فتحت أبوابها، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية مثيرة للجدل جاءت بعد احتجاجات أدت إلى الإطاحة بنظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

ويتنافس في هذه الانتخابات التي يرفضها طيف واسع من الشارع الجزائري 5 مرشحين، وسط توقعات بأن تشهد مقاطعة كبيرة.

ومنذ الإعلان عن إجراء انتخابات رئاسية لم يتراجع زخم الحراك الاحتجاجي المناهض للنظام الذي بدأ في 22 فبراير، ولا يزال معارضاً بشدة لهذه الانتخابات التي تريد السلطة بقيادة الجيش، أن تُجريها مهما كلّف الثمن.

ويندّد المتظاهرون بـ”مهزلة انتخابية” ويطالبون أكثر من أي وقت مضى بإسقاط “النظام” الذي يحكم البلاد منذ استقلالها عام 1962 وبرحيل جميع الذين دعموا أو كانوا جزءاً من عهد بوتفليقة الذي استمرّ عشرين عاماً وأُرغم على الاستقالة تحت ضغط الشارع أبريل.

وأصدر القضاء الجزائري أحكاما وصفت بـ”القاسية” على أحمد أويحيى وعبدالملك سلال رئيسي الوزراء السابقين في عهد بوزتفليقة في قضايا متعلقة بفساد مالي، في محاولة لطمأنة الشارع وتغيير موقفه حيال إجراء انتخابات رئاسية، ولكن السلطات فشلت ككل مرة في ذلك.

وضمّت التظاهرة الأسبوعية الأخيرة قبل الانتخابات حشداً هائلاً، ما أظهر مدى اتساع نطاق الرفض.

وقبل 24 ساعة من موعد الانتخابات، أظهر آلاف المتظاهرين أيضاً في العاصمة الجزائرية تصميمهم هاتفين بصوت واحد “لا انتخابات!”. وفرضت الشرطة طوقاً أمنياً وسط المدينة ولم تتمكن من تفريق المتظاهرين إلا من خلال استخدام العنف.

في غياب استطلاعات الرأي في الجزائر، من الصعب توقع عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم من أصل 24 مليون ناخب، في بلد عُرف تقليدياً بتدني نسب المشاركة. إلا أن غالبية المراقبين يتوقعون امتناعًا واسعًا عن التصويت.

كما حذّرت مجموعة شخصيات مقرّبة من الحراك بينها المحامي مصطفي بوشاشي والأستاذان الجامعيان ناصر جابي ولويزة آيت حمدوش، من إجراء الانتخابات في سياق “توترات شديدة”، مطلقين نداء للتهدئة.

ودعوا في بيان السلطات إلى “الابتعاد عن الخطابات الاستفزازية ولغة التهديد وتخوين كل من يخالفها الرأي في كيفية الخروج من الأزمة، ونحملها مسؤولية أي انزلاق قد تؤول إليه الأمور في قادم الأيام”.

وحثّت هذه المجموعة المحتجين على “الحفاظ على سلمية” الحراك عبر “تجنّب أي احتكاك أو الردّ على الاستفزازات من أي جهة كانت” و”عدم التعرض لحقوق الآخرين في التعبير الديمقراطي عن آرائهم”.

ونفذ المرشحون الخمسة (عبد العزيز بلعيد وعلي بن فليس وعبد القادر بن قرينة وعز الدين ميهوبي وعبد المجيد تبون) حملة انتخابية – انتهت منتصف ليل الأحد- متوترة وشديدة التعقيد، في ظل أجواء من القمع المتصاعد.

رفض واسع للعملية الانتخابية
رفض واسع للعملية الانتخابية

ووجد المرشحون صعوبة في ملء القاعات حتى الصغيرة منها خلال تجمعاتهم التي منع كل معارض عنها وجرت تحت حماية بارزة من الشرطة. ومع ذلك واجهتهم مظاهرات معادية أثناء تنقلاتهم.

ويتهمهم المحتجون بأنهم يؤيدون “النظام” من خلال ترشحهم ويأخذون عليهم دورهم في رئاسة بوتفليقة، فبينهم رئيسا وزراء ووزيران في حكوماته.

وكتبت متظاهرة على لافتة في العاصمة “كيف نثق بمن خان البلاد وساعد بوتيفليقة؟”.

ومنذ استقالة الرئيس السابق، يدير البلاد رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، وهو أيضًا كان داعماً وفياً للرئيس بوتفليقة.

وتصرّ قيادة الجيش على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للخروج من الأزمة السياسية والمؤسساتية التي تعصف بالبلاد، مقابل رفض تام لأي حديث عن مسار “انتقالي” مثلما اقترحت المعارضة والمجتمع المدني لإصلاح النظام وتغيير الدستور الذي أضفى الشرعية على إطالة أمد حكم عبد العزيز بوتفليقة.

وفي غياب المرشحين، تم إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في الرابع من تموز، ليبقى على رأس الجزائر منذ ذلك الحين رئيس مؤقت قليل الظهور هو عبد القادر بن صالح انتهت ولايته القانونية منذ خمسة أشهر، وحكومة تصريف أعمال عينها بوتفليقة قبل يومين من استقالته، برئاسة نور الدين بدوي أحد الموالين له.

ويشير مراقبون إلى غياب شرعية الرئيس الذي سيُنتخب والذي سيخلف رسمياً الرئيس المؤقت بن صالح ويتوقعون تواصل الاحتجاجات بعد الانتخابات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: