الرجال لديهم رؤية أكثر تفاؤلا تجاه طليقاتهم

تحتلّ الذكريات الثمينة مكانا شاسعا في حياة كل طرف بعد انتهاء العلاقة الزوجية واتخاذ قرار الانفصال. ويحاول الكثير من الأشخاص الاحتفاظ بمشاعر إيجابية تجاه الشركاء السابقين لفترة طويلة، حيث يترك انهيار العلاقة مكانا لمشاعر الاستياء بالنسبة إلى الشريكين، وقد يكون هذا هو الحال بالنسبة إلى الرجل بشكل خاص، وفق دراسة حديثة كشفت أن الرجال ينظرون بإيجابية تجاه زوجاتهم السابقات عكس النساء.

يحرص بعض الأزواج المنفصلين على الاحتفاظ بمشاعر إيجابية وذكريات جميلة كانت تجمعهم بشركائهم السابقين، مع تجاهل كل الذكريات السيّئة بعد الانفصال. وترتبط النظرة الإيجابية للشريك السابق بالرجال أكثر من النساء وفق مجموعة من الدراسات الجديدة التي توصلت إلى أنه في العلاقات الزوجية المنتهية، ينظر الرجال إلى علاقاتهم السابقة بشكل إيجابي أكثر من النساء بعد الانفصال.

ونبّه الباحثون إلى أن وجود نظرة أكثر إيجابية عن الزوجة السابقة يمكن أن تكون له تأثيرات سلبية على علاقات الرجل الرومانسية اللاحقة، حيث تكون علاقاته العاطفية الجديدة عرضة للصعوبات.

وتوصلت الباحثة أورسولا أثينستيدت وزملاؤها المشاركون في الدراسة من جامعة غراتس النمساوية، إلى هذا الأمر من خلال البحث في ما إذا كان يمكن تغيير مواقف الناس تجاه شركائهم السابقين.

وأكمل حوالي 300 مشارك من الجنسين في دراستين، استبيانا حول مواقفهم من شركائهم السابقين، باستخدام عبارات مثل “عندما أفكر في شريكتي السابقة، أشعر بالغضب” و”شريكي السابق له العديد من الصفات الإيجابية”. ولم يؤثر التلاعب التجريبي للباحثين على هذه التقييمات، ووجدوا أن الرجال يميلون عموما إلى اتخاذ مواقف أكثر إيجابية تجاه زوجاتهم السابقات.

وقرّر الباحثون القيام بدراسة ثالثة للتثبّت من نتائج الدراستين السابقتين، وقدّموا نفس الاستبيان حول مواقف الشريكين من بعضهما البعض بعد الانفصال إلى 612 مشاركا جديدا تربطهم علاقة متبادلة سابقة لمدة 4 أشهر على الأقل.

النساء يملن إلى الحصول على دعم أقل من شركائهن السابقين، وأكثر من مصادر أخرى مثل الأصدقاء والعائلة

وأكمل المشاركون أيضا العديد من المقاييس الأخرى، مثل تقييم درجة الدعم الاجتماعي الذي تلقّوه من شركائهم السابقين، وهل استخدموا استراتيجيات المواجهة مثل إلهاء الذات بعد الانفصال والنظر في أسبابه، ومواقفهم تجاه الجنس والحب؟

وكان موقف الرجال أكثر إيجابية من النساء تجاه الشريك السابق مرة أخرى، مع متوسط ​​3.57 درجة على الاستبيان من 5 مقارنة مع متوسط 3.11 من موقف النساء.

وكشفت نتائج الدراسة أن الرجال والنساء اختلفوا في عدد من المعايير الأخرى، مشيرة إلى أن الرجال كانوا أكثر تساهلا في ما يتعلق بالعلاقات الحميمية وكانوا أكثر تقبّلا لعبارات مثل “أنا لست بحاجة إلى الارتباط بشريكة للحصول على علاقات حميمية معها”، كما أنهم حصلوا على المزيد من الدعم الاجتماعي من شريكاتهم السابقات مقارنة بالنساء.

وفي مقابل ذلك، استخدمت النساء استراتيجيات المواجهة أكثر من الرجال بعد انفصالهن، وكنّ أكثر ميلا إلى القول إن شريك حياتهن كان السبب الرئيسي في انهيار العلاقة الزوجية.

وأظهر المزيد من التحاليل أن هذه العوامل يمكن أن تفسّر جزئيا وليس كليا الاختلافات بين الرجال والنساء في مواقفهم تجاه الشريك السابق.

وأفاد الباحثون بأن هذه النتائج جاءت من ازدواجية العوامل التطورية والاجتماعية، فالمواقف الجنسية المتسامحة للرجال على سبيل المثال يمكن أن تجعلهم أكثر استعدادا للحفاظ على إمكانية ممارسة الجنس مع شريكاتهم السابقات. ولذلك فمن المنطقي الحفاظ على موقف أكثر إيجابية تجاههن.

المرأة تستوعب الانفصال بشكل أفضل من الرجل رغم معاناتها نفسيا وجسديا وميلها بشكل أكبر إلى السلبية

وبالإضافة إلى ذلك قد يكون لدى الرجال رؤية أكثر تفاؤلا تجاه زوجاتهم السابقات لأنهن يمثلن لهم مصدر دعم عاطفي كبير، وفي المقابل تميل النساء إلى الحصول على دعم أقل من شركائهن السابقين، وأكثر من مصادر أخرى مثل الأصدقاء والعائلة.

وقال المشرفون على الدراسة “رغم أن دراساتنا توثّق الاختلاف الثابت بين الجنسين، فإننا لا نعرف أصوله على وجه التحديد. وعلى الرغم من أن نظريتي الدور الجنسي والدور التطوري تمنحان قدرا من الإيضاحات القيمة، فإنه لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من البحث لمعرفة المصدر الأساسي لهذا الاختلاف بين الجنسين”.

وكشفت دراسة مشتركة بين جامعتي “بينغامتون” الأميركية ولندن البريطانية أن النساء والرجال يتصرفان بطريقة مختلفة بعد انفصالهما، إذ تعاني المرأة بشكل حاد على المستوى النفسي والجسدي، في حين يجد الرجل صعوبة في هضم نهاية العلاقة لكنّه يكبت ذلك في نفسه.

ورغم معاناة المرأة بحدة نفسيا وجسديا وميلها بشكل أكبر إلى السلبية، إلا أنها تستوعب الانفصال بشكل أفضل من الرجل، الذي يعاني من تبعات الانفصال فترة أطول، وقد لا يستطيع التعافي من آثاره بشكل كامل بالمرة.

وقال غريغ موريس المشرف على الدراسة “من المحتمل أن يشعر الرجل بالخسارة بعمق ولفترة طويلة من الوقت، حيث يجب أن يبدأ من جديد ليعوّض ما خسره، أو يدرك ما هو أسوأ من ذلك، أي أن خسارة (الشريك) لا يمكن تعويضها”.

وشارك في الدراسة أكثر من 5705 أشخاص من 96 بلدا في العالم، حيث طلب الباحثون من المشاركين تقييم إحساس الألم لديهم بعد الانفصال في مقياس من واحد إلى عشرة. وكشفت النتائج أن اختلاف ردود الفعل بين الرجل والمرأة إثر الانفصال مسألة واضحة، فالمرأة تخسر أكثر عند مواعدتها الشخص الخطأ، وأنها تستثمر أكثر من الرجل من أجل نجاح العلاقة، وهو ما يضرّ بها في حال الانفصال.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: