المؤتمر الدولي لبحوث مكافحة التطرف بملبورن: الوقاية خير من العلاج

لم تعد مسألة مكافحة التطرف، مسألة تخص قطرا معينا أو منطقة محددة، بل إن التهديدات التي يطرحها التطرف، سواء القائم على أسس دينية أو القائم على أسس عنصرية، لا تستثني أي جهة من العالم، وبما أن التهديد شامل فإن المواجهة يفترض أن تكون شاملة أيضا في هذا الصدد ينعقد سنويا المؤتمر الدولي لبحوث مكافحة التطرف العنيف.

 عقد في مدينة ملبورن الأسترالية “المؤتمر الدولي السنوي السادس لبحوث مكافحة التطرف العنيف لعام 2019” بتعاون مشترك بين مركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف، ومعهد ألفرد ديكن في جامعة ديكن الأسترالية، وشبكة “أفرت” للأبحاث المعنية بالتصدي للتطرف العنيف والراديكالية والإرهاب وكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

واستلم القائمون على المؤتمر أكثر من 85 مقترحا بحثيا، قدمها الباحثون والأكاديميون في مكافحة التطرف العنيف من كافة أرجاء العالم. وشكل المؤتمر منصة حيوية لتقديم أفضل الأوراق البحثية التي تتناول التطرف العنيف ومظاهره المتغيرة باستمرار.

في هذا المبحث أكد أحمد بن سلطان القاسمي، المدير التنفيذي لمركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف، على أن التهديدات المنبثقة من التطرف العنيف ما زالت تشكل تهديدات على المجتمع الدولي ولا تزال هذه الآفة تنمو وتتطور بوتيرة متسارعة.

الإرهاب ليس حكرا على الأيديولوجيا

وأضاف ينبغي علينا ألا يفقدنا انشغالنا بالتهديدات التي تواجهنا في الوقت الراهن، التركيز على التهديدات المستقبلية المحتملة وذلك من خلال استمرارنا في المشاركة بأنشطة تفاعلية مثل هذا المؤتمر الذي نحن بصدده. فبالقدر نفسه الذي نركز فيه جهودنا نحو القضاء على هذه الآفة، لا بدّ من بذل جهود مماثلة نحو إرساء التدابير الوقائية، ونتطلع إلى مواصلة العمل عن كثب وعلى نحو وثيق مع شركائنا العالميين حيث يشكل هذا المؤتمر البحثي خطوة أخرى نحو تحقيق هذا الهدف.

وقام المشاركون أثناء المؤتمر بتحديد الاحتياجات الحالية ذات الصلة بتنفيذ برامج منع التطرف العنيف ومكافحته على أرض الواقع، بالإضافة إلى الطرق والوسائل والتي يمكن من خلالها تعزيز المعرفة وبحوث مكافحة التطرف العنيف من أجل تحقيق التماسك والاتساق بينها وبين الممارسات المتعلقة بالتنفيذ.

الجلسات النقاشية تناولت مسألة الحاجة إلى التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي من أجل التصدي للتهديدات عبر شبكة الإنترنت. وركزت الأوراق البحثية أيضا على التطرف العنيف القائم على أساس ديني، والتطرف العنيف الذي يمثله اليمين المتطرف.

وناقش المؤتمر أيضا دور كل من علم النفس، وعلم الأعصاب، والهوية، وخطاب الكراهية، والجندرية (النوع الاجتماعي)، والتعليم، وتعزيز الصمود وغيرها، في التهديد الذي تمثله الراديكالية والتطرف العنيف.

وأكدت الأستاذة ميشيل جروسمان، رئيسة قسم بحوث التنوع والصمود المجتمعي بجامعة ديكن، على ضرورة زيادة معرفتنا بكيفية التصدي للتحديات التي يمثلها التطرف العنيف والعوامل التي تعزز ديناميكياته مقارنة بالوضع قبل 20 عاما، ولكن الأيديولوجيات والحركات المتطرفة العنيفة تتسم بقدرة عالية على التكيف والمرونة، وعلى نحو مماثل يجب أن تتميز بحوثنا واستراتيجياتنا بنفس القدر من التكيف حتى نكون على علم ودراية بالظروف المتغيرة للتهديدات.

ومن جهتها أكدت فاليري كليف، نائب المدير الإقليمي لآسيا والمحيط الهادئ لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على أهمية الشراكة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف، والتي أثمرت عن أفكار قيّمة ورؤى متعمقة وساعدت بدورها في إجراء البحوث الهامة والتي صدرت عنها كذلك برامج ناجحة لمنع التطرف العنيف في المجتمعات المحلية بمنطقة جنوب شرق آسيا.

افة التطرف تنمو وتتطور بوتيرة متسارعة

وأشارت إلى دور التعاون مع مركز هداية الذي ساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بلورة فهم أكثر عمقا ودقة للأسباب الجذرية للتطرف في منطقة جنوب شرق آسيا، والذي ساهم أيضا في المزيد من المشاركات الفعالة ووضع السياسات بالمنطقة.

وسعيا لتعزيز الجهود الدولية للتعاون وتقاسم الأعباء ذات الصلة بمنع ومكافحة التطرف العنيف، قام مركز هداية بإيجاد نموذج للشراكة الاستراتيجية قائم على منح عدد من المؤسسات الفرصة من أجل رعاية هذا المؤتمر الهام في إطار شراكة استراتيجية.

ومن ضمن الشركاء الاستراتيجيين لعام 2019، مؤسسة أفروباروميتير، وشركة ألباني أسوسييتس، والشبكة الكندية لبحوث الإرهاب والأمن والمجتمع، والاستشارات لإدارة الأزمات، وشركة “دي.إيه.أي”، وبرنامج جامعة جورج واشنطن المعني بالتطرف، والصندوق العالمي لإشراك المجتمعات المحلية وتعزيز قدرتها على الصمود، ووكالة “أم.سي ساتشي” وجامعتا ماكوير وموناش الأستراليتان، وشركة مون شوت لمكافحة التطرف العنيف، ونيو ساوث ويلز متعددة الثقافات، والمعهد الملكي للخدمات المتحدة “روسي”، ومعهد توني بلير للتغير العالمي، وجامعتا كوينزلاند وفيكتوريا الأستراليتان.

يشار إلى أن مركز هداية تأسس في ديسمبر 2012، خلال الاجتماع الوزاري الثالث للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في أبوظبي. واعتبرت استضافة حكومة الإمارات لهذا المركز تجسيدا لمبدأ التسامح الذي تتبناه الدولة، والذي ينبذ التطرف.

ولذلك يتبنى المركز العمل على بناء الشراكات مع مؤسسات عدة تعمل في مجال مكافحة التطرف العنيف، ويركز على مجالات مهمة مثل الدبلوماسية الرياضية والثقافية، ومكافحة التطرف العنيف عبر المناهج التربوية، ونبذ الراديكالية في السجون، ودعم ضحايا الإرهاب.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: