حملة تضامن تحرج عابثي تيك توك في المغرب

أشعل مقطع فيديو، جرى تسجيله بمدينة مراكش وسط المغرب، مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، بعدما ظهر فيه شاب يهين رجلا ستينيا فقيرا. وانتشرت حملة تضامن مع الضحية على نطاق واسع.

خلف مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي استياء كبيرا داخل أوساط المغاربة، بعدما وثق شابان ردة فعل رجل ستيني أوهماه بأنهما سيقدمان له مساعدة مالية قدرها 1200 درهم (124 دولارا).

وانتحل شاب صفة شخص يعمل لدى أحد الأثرياء يدعى “الحاج” وقال في مقطع الفيديو إنه أرسل له بالمبلغ المالي لمساعدته على متطلبات حياته اليومية، وبعد طرح الشاب على الرجل أسئلة متعلقة بحياته الشخصية، تلفظ بعبارة “قالك الحاج”، وهي العبارة التي يوسم بها الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال الرجل الذي يدعى محمد عزالدين إنه سيدفع بالمبلغ قيمة إيجار البيت الذي يسكنه إضافة إلى خلاص فاتورتي الماء والكهرباء كما سيلبي عددا من الاحتياجات التي تخصه، لكن الرجل تعرض لسباب وكلمات مهينة ليتبين أنه تعرض لمقلب.

وشارك الشاب الذي كشف المغاربة هويته ويدعى مهدي السعيد مقطع الفيديو في تيك توك أملا في زيادة شعبيته والحصول على مشاهدات وإعجابات كثيرة. وبعد انتشار مقطع الفيديو بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي استنكر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي المقلب اللاأخلاقي.

وسارع صاحب المقطع بتقديم اعتذاره عبر صفحته بموقع فيسبوك، وبالمقابل أطلقت مجموعة من المتطوعين حملة تضامن واسعة لمساعدة الرجل الفقير؛ حيث قامت شخصيات مشهورة ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بزيارته وقدموا له الدعم المادي والنفسي بسبب ما لحقه من إهانة.

وتواصل عدد من النشطاء مع الرجل الذي يعيش لوحده في حالة فقر مدقع، لتقديم المساعدات منهم بنات حيه اللواتي تطوعن بتنظيف بيته، ووعده آخرون بتجهيز بيته بما يلزمه من التجهيزات، بعد مطالب بتعويضه عن الإهانة التي تعرض لها بسبب حاجته المادية.

ووفق مستخدمي الشبكات الاجتماعية، فقد أراد الشاب أن ينتشر الفيديو ويستفيد من انتشاره، لكن العكس هو الذي حصل حيث أراد أن يضحك به الناس فأصبح هو الأضحوكة. وكتب معلق على فيسبوك:

ويشتغل الشاب الذي قام بتوضيب الفيديو، في أحد الفنادق الفخمة في مدينة مراكش، وقد تعرض للطرد من عمله بسبب ردود الأفعال حول ما فعله بالرجل، حيث تلقت إدارة الفندق موجة من الاتصالات من طرف زبائنه الذين تعرفوا على الشاب المصور، ما اضطر المؤسسة الفندقية إلى إبلاغ المعني بالأمر بقرار طرده.

وقال أحد النشطاء “لقد أصبت بخيبة وحسرة وأنا أشاهد الفيديو وبكيت ليس من حال الرجل فقط بل من المستوى المتدني أخلاقيا الذي وصل إليه الشباب المغربي، وتأثرت بشدة عندما قال الرجل ‘ماعنديش الوليدات (ليس لدي أبناء)’، كان على الشابين التراجع عن تنفيذ ما أراداه عندما سمعا كلام الرجل وما يمر به”.

ومن وجهة نظره، قال عمر أربيب عضو اللجنة المركزية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة بمراكش، إنه “أحس بالغبن عند مشاهدة الفيديو”، مضيفا “الفيديو انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية، كما أن القانون الجنائي يعاقب كل شخص نشر صورا أو فيديوهات خاصة بالغير دون الحصول على موافقته بغرض الإساءة إليه والتشهير به”.

وعبرت والدة المتهم بنشر مقطع الفيديو عن حسرتها لما حصل واستعطفت المغاربة للصفح عنه. وطالب الشاب بالصفح عنه إكراما لأمه.

من جانبه، قامت المصالح الأمنية بمراكش بالاستماع للرجل الذي تعرض للإهانة، بعدما طالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بتدخل الأمن لمعاقبة الشاب. وكتب معلق:

ويشار إلى أن الفصل 147 من القانون الجنائي الجديد ينص على أن كل شخص نشر صورا أو فيديوهات خاصة بالغير دون الحصول على موافقته بغرض الإساءة إليه والتشهير به، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2000 إلى 20000 درهم.

وأصدر رئيس النيابة العامة في المغرب قرارا موجها إلى المسؤولين القضائيين يتعلق بحماية الحياة الخاصة للأفراد.

وجاء في المنشور الذي أصدره محمد عبدالنباوي، رئيس النيابة العامة، أنه يمنع “التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص، أو سري، دون موافقة أصحابها، علاوة عن منع تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء وجوده في مكان خاص دون موافقته”.

وتصل العقوبات المقررة لانتهاك الحياة الخاصة للأفراد إلى ثلاث سنوات سجنا، بغض النظر عن جنس الفاعلين أو الضحايا، وكيفما كانت الوسائل المستعملة في الاعتداء مثل الهاتف المحمول أو آلات التسجيل السمعي البصري أو الأنظمة المعلوماتية أو أي أداة أخرى. واستثنى رئيس النيابة العامة المبلغين عن الفساد من خلال مراعاة المقتضيات القانونية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: