اليسار المغربي يصطف في المعارضة قبيل التعديل الحكومي

صادقت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية المغربي بالأغلبية الساحقة على قرار مغادرة الحكومة، التي يقودها سعدالدين العثماني في خطوة تعكس إعادة الحزب اليساري إلى حساباته السياسية مع اقتراب التعديل الحكومي ومساعيه في البحث عن دور أكثر تأثيرا مع تشكل مشهد سياسي جديد.

 قرر حزب التقدم والاشتراكية المغربي  بموافقة أغلبية ساحقة من أعضائه،الانسحاب من التحالف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية.

وعقب اجتماع اللجنة المركزية للحزب، الجمعة، لتدارس قرار الانسحاب من الائتلاف الحكومي من عدمه والذي كان الحزب قد أعلن عنه الثلاثاء الماضي، صوت 235 عضوا بالموافقة على الانسحاب من أصل 275 عضوا، في حين امتنع ستة أعضاء عن التصويت وصوت 34 آخرون لصالح البقاء في الحكومة.

ويأتي قرار حزب التقدم والاشتراكية الانسحاب في عملية تصويت صاخبة تطورت إلى عراك، في إطار الاستعدادات والمشاورات التي تجريها مختلف الأحزاب السياسية بين أعضائها استعدادا لتعديل حكومي وشيك.

وعزا حزب التقدم والاشتراكية قرار مغادرة الحكومة بسبب ما أسماه “بالصراع بين مكوناتها”. وحذر من أن “الوضع غير السوي للأغلبية الحالية مرشح للمزيد من التفاقم في أفق عام 2021 كسنة انتخابية (سنة تنظيم انتخابات برلمانية)، ما سيحول دون أن تتمكن الحكومة من الاضطلاع بالمهام الجسام التي تنتظرها”.
من جهته أعرب حزب “العدالة والتنمية” المغربي عن أسفه لقرار حليفه؛ حزب التقدم والاشتراكية الانسحاب من الحكومة، وذلك في تدوينة لـ”سليمان العمراني”، النائب الأول لأمين عام حزب “العدالة والتنمية” المغربي (قائد الائتلاف الحكومي)، عبر صفحته الرسمية بالفيسبوك، في أول تعليق للحزب على قرار التقدم والاشتراكية، الذي يعتبر الحليف الوحيد قبل الانتخابات البرلمانية عام 2016.

وقال العمراني إن “حزب العدالة والتنمية يقدر حزب التقدم والاشتراكية، ويعتز بعلاقته به، وبتعاون الحزبين على الصعيد الحكومي باعتبار أنه كان يمثل مصلحة وطنية”. ولفت إلى أن “حزب العدالة والتنمية، وعلى رأسه الأمين العام ورئيس الحكومة سعدالدين العثماني، عبر عن تشبثه باستمرار حزب التقدم والاشتراكية في التحالف الحكومي القائم”.

وتضم الحكومة الحالية أحزاب “العدالة والتنمية” (125 نائبا بمجلس النواب؛ الغرفة الأولى للبرلمان من أصل 395)، التجمع الوطني للأحرار (37 نائبًا)، والحركة الشعبية (27)، والاتحاد الاشتراكي (20)، والاتحاد الدستوري (23)، والتقدم والاشتراكي (12).‎

ولا يترتب عن خروج التقدم الاشتراكي أي تأثير على بنية الائتلاف الحكومي، نظرا إلى أن عدد مقاعد بقية الأحزاب دون “التقدم”، يتجاوز نصف عدد مقاعد مجلس النواب. غير أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، بحث في 21 شتنبر الماضي مع رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، التعديل الحكومي المرتقب.

ويعد هذا اللقاء الأول من نوعه بين العاهل المغربي والعثماني، منذ دعوة الملك في نهاية يوليو الماضي إلى إجراء تعديل في تشكيلة الحكومة.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد حث في خطاب العرش في يوليو الماضي بمناسبة ذكرى مرور عشرين عاما على توليه الحكم، رئيس الحكومة المغربية القيام بتعديل حكومي من أجل “إغناء وتجديد مناصب المسؤولية الحكومية والإدارية بكفاءات وطنية عالية المستوى”.

وقال نبيل بن عبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية الذي اختار الاصطفاف في المعارضة إن “قرار خروج الحزب من الحكومة “لم تُملِه مصالح وزارية ضيقة” وإن الحزب “قد يقبل بأن يكون بنصف مقعد، إذا كانت الحكومة حكومة إصلاح وذات توجهات قوية تعمل على بلورة مضامين دستور المغرب الجديد”.

وأضاف قبيل الإعلان عن نتائج التصويت أن اصطفاف حزبه في المعارضة سيقوي الحزب أكثر وسيجعله أكثر استعدادا لانتخابات 2021.
ويرى المحللون أن مغادرة التقدم الاشتراكي للحكومة تربك الائتلاف الحاكم بالمغرب، وتحرج حكومة العثماني وتجعل حزب العدالة والتنمية أكثر المتضررين مع خسارته لأبرز حلفائه. ويصعّب هذا الانسحاب على حزب العدالة والتنمية مهمة قيادة المشهد السياسي في المرحلة القادمة، ومع تشكيل فريق حكومي جديد مع تواصل الانتقادات لأدائه في تسيير شؤون المملكة والاستجابة للمطالب الاجتماعية في توفير تنمية عادلة.

ومع ذلك يتوقع المحللون أن انسحاب التقدم والاشتراكية من الحكومة سيسهل مهمة العثماني في إيجاد حلفاء جدد على عكس ما حدث لحكومة عبدالإله بن كيران في عام 2016 عندما لم يتوفق في تشكيل الائتلاف الحكومي بسبب عدم اتفاق بعض الأحزاب. وستبقى حكومة العثماني تقود الأغلبية البرلمانية بعد خروج وزير الصحة المنتمي إلى الحزب المنسحب.

وفي 17 مارس 2017، عيّن الملك محمد السادس، سعدالدين العثماني (61 عاما) رئيسا للحكومة، خلفا لعبدالإله بن كيران (63 عاما)، وضمت الحكومة وزراء من أحزاب كان بن كيران يرفض دخولها إلى التشكيلة الوزارية، ويعتبرها سبب “إفشال” تشكيل الحكومة بقيادته.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: