مرشحو الانتخابات الرئاسية في الجزائر يتسابقون لاسترضاء الجيش

كسب خيار تنظيم الانتخابات الرئاسية قبل نهاية العام الجاري، نقاطا ثمينة بإعلان عدد من الأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة عن نيتها في خوض السباق، رغم قرار الرفض الذي تتبناه المعارضة السياسية وعبّر عنه الحراك الشعبي بقوة في الجمعة الحادية والثلاثين.

وكشف الناطق الرسمي للسلطة المستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات علي ذراع عن سحب 14 زعيما سياسيا وشخصية مستقلة، استمارات الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في الـ12 ديسمبر القادم، ولم يستبعد توسع اللائحة إلى راغبين جدد خلال الأيام القادمة.

ويعتبر رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، ورئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، فضلا عن بلعيد عبدالعزيز من جبهة المستقبل وبلقاسم ساحلي عن التحالف الوطني الجمهوري من أبرز الراغبين في الترشح للاستحقاق، وهي شخصيات عرفت بحضورها في مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي عاشتها البلاد.

ويتطلع المتابعون للشأن الجزائري إلى موقف الإسلاميين الذي بات يبدي ليونة في الآونة الأخيرة، تمهيدا لإعلان المشاركة في الاستحقاق الانتخابي. فبعد عبدالقادر بن قرينة، المنشق عن حركة “حمس” الإخوانية، أطلقت الأخيرة رسائل تمهيدية في الندوة الأخيرة التي نظمتها هذا الأسبوع، حول التحديات الاقتصادية التي تنتظرها الجزائر، وألمح خلالها عبدالرزاق مقري إلى إمكانية دخول المعترك الانتخابي.

وبالمقابل أرجأت جبهة العدالة والتنمية موقفها من الانتخابات الرئاسية إلى نهاية الشهر الجاري، حيث أعلن بيان للحزب، أن “مجلس الشورى سيلتئم في الـ28 من سبتمبر الجاري لدراسة الموقف الرسمي والنهائي من مسألة الاستحقاق الرئاسي”، فيما يبقى قرار رئيس الحزب عبدالله جاب الله، غامضا قياسا براديكالية حزبه مقارنة بباقي أحزاب التيار الإخواني.

وإلى غاية السبت، بلغ عدد الراغبين في خوض الاستحقاق الرئاسي 14 مرشحا، وينتظر أن يلتحق بهم آخرون خلال الأيام المقبلة، رغم الضبابية التي تلفّ الاستحقاق نفسه بسبب الرفض القوي لقوى المعارضة والحراك الشعبي وغياب عوامل الاستقرار والتنافس السياسي.

وأمام تمسك السلطة الفعلية بتنظيم الاستحقاق وفق الأجندة التي سطرتها، بات المقربون منها يتنازلون تدريجيا عن الشروط المرفوعة حتى من طرف لجنة الوساطة والحوار، كتنحي حكومة نورالدين بدوي، وإشاعة إجراءات التهدئة ورفع الغلق السياسي والإعلامي.

السلطة الجزائرية فشلت في تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدين اثنين

وترى المعارضة الراديكالية أن الظروف المحيطة بالانتخابات الرئاسية ما زالت غير ملائمة ولا تسمح بتنظيم الاستحقاق في الموعد المعلن عنه، نظرا لأجواء التضييق السياسي والإعلامي غير المسبوق، وحملات الاعتقالات والسجن التي طالت عددا من الناشطين والمعارضين.

ودعا في هذا الشأن رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان إلى إلغاء الاستحقاق المذكور، وفتح حوار سياسي جاد وحقيقي مع المجتمع، يسمح بالتوافق على خارطة طريق تقود البلاد إلى بناء مؤسسات شرعية تستجيب للمطالب المرفوعة في الشارع منذ أكثر من سبعة أشهر.

وفشلت السلطة الجزائرية في تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدين اثنين. فبعد إجهاض الانتخابات المقررة في الـ18 من أبريل الماضي، التي ترشح لها الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، تم إلغاء الموعد الثاني للرابع من يوليو الماضي، لعدم التوافق حوله ورفضه من طرف الحراك الشعبي.

وشدد المحتجون في الجمعة الـ31 على إفشال الموعد القادم، وعدم السماح للسلطة بإعادة إنتاج نفسها بوجوه وآليات جديدة، وهو التهديد الذي يبقى جادا ومثيرا لمخاوف السلطة، بعد الحشد القوي الذي كسر كل الإجراءات الأمنية المطبقة في البلاد، بما فيها عزل العاصمة عن الراغبين من المناطق الأخرى في الدخول إليها للتظاهر ضد السلطة.

ورغم إطلاق السلطة المستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات، وسحب العملية كليا من الإدارة، إلا أن الشكوك ما زالت قائمة بسبب الظروف والكيفية التي أسست بها اللجنة بعيدا عن اختيارات القوى السياسية والشعبية الفاعلة، وحتى الضمانات التي يروج لها أعضاؤها لم تقنع المعارضين، لاسيما التمسك المريب للسلطة بحكومة نورالدين بدوي، المتهمة بالانحدار من النظام السابق وبسوابق التزوير الانتخابي.

وفي ظل غياب مرشح واضح للنظام، تتضارب القراءات حول الأحصنة التي يراهن عليها للاستحواذ على هرم الدولة في ديسمبر المقبل، ويتم تداول العديد من الشخصيات التي وضعها كخيارات له، وعلى رأسها رئيس الحكومة السابق عبدالمجيد تبون، المعروف بقربه من قائد أركان الجيش الجنرال قايد صالح، ورئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، إلى جانب الأمين العام الجديد للتجمع الوطني الديمقراطي عزالدين ميهوبي.

وكان الرجل القوي في السلطة والمؤسسة العسكرية قايد صالح، قد توعد “كل من يشوش على سير الاستحقاق الرئاسي”، وأوعز للأجهزة الأمنية بتفعيل إجراءات أمنية صارمة لتفكيك الحراك الشعبي، ووصف في أحد خطاباته المعارضين بـ”الشرذمة القليلة الباغية والضالة”، كما تم فتح حملة اعتقالات وسجن بحق العشرات من الناشطين في الحراك الشعبي.

ووافق البرلمان في جلسته الأخيرة على عدة تعديلات على قانون الانتخابات، من بينها خفض عدد الاستمارات من 60 ألفا إلى 50 ألفا، وعدم وجوبية حصول المرشح على 600 تزكية من الأعضاء المنتخبين في المجالس المنتخبة، إلا أن الجدل يبقى قائما حول تنافي وجود السلطة الجديدة مع الدستور، وبقاء صلاحية دراسة الطعون والنتائج النهائية في يد المجلس الدستوري المعين من طرف النظام السابق.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: