الصراع داخل حزب الأصالة والمعاصرة المغربي يشتد مع اقتراب مؤتمره الرابع

يعاني حزب الأصالة والمعاصرة المغربي من خلافات حادة بين أمينه العام، حكيم بنشماش، وقيادات تعارض استمراره على رأس الحزب، ويشترط بنشماش لتنظيم المؤتمر الرابع للحزب بشكل موحد اعتراف خصومه بتيار الشرعية الذي يمثله وعدم التمرد على قيادات المؤسسة.

  اشتدت وتيرة الصراع داخل حزب الأصالة والمعاصرة المغربي (ليبرالي) مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمره الوطني الرابع، المزمع إجراؤه يومي 27 و28 سبتمبر الجاري.

وانقسم الحزب الذي يعاني من خلافات بين أمينه العام، حكيم بنشماش، وقيادات تعارض استمراره على رأس أكبر حزب معارض في المملكة، بين تيارين. الأول وهو تيار المستقبل المناوئ لبنشماس الذي يقدم رؤية جديدة للحزب، بينما يركز التيار الثاني، الذي يدعم بنشماس، على الشرعية المؤسساتية كأساس لأي تغيير محتمل ويرفض الانقلاب على كوادر المؤسسة.

وتصاعدت وتيرة الخلاف داخل الحزب بعدما قرر بنشماش عزل أحمد أخشيشن من منصب نائب الأمين العام للحزب، وإعلان شغور منصب الأمين العام الجهوي في تسع جهات (محافظات) من أصل 11، انتقاما من الأصوات المعارضة له. كما أعلن بنشماش عدم شرعية استمرار اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب.

وفي تحدٍ لأمين عام الأصالة والمعاصرة، استكملت اللجنة التحضيرية للحزب تشكيل لجانها، وبدأت ترتيبات لعقد المؤتمر العام الرابع للحزب. وردا على هذه الخطوة، رفع بنشماش دعوى قضائية في يوليو الماضي بالمحكمة الابتدائية بالرباط، ضد كوادر اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب، يطالب فيها ببطلان هذه اللجنة، التي واصلت أشغالها رغم القرارات المتتالية التي اتخذها بنشماش في حق أعضائها، بلغت حد الطرد من الحزب.

عبدالمطلب أعميار: اللقاء تم بطلب من المنصوري دون أن تكون هناك شروط تفاوضية على الإطلاق لوضع آليات للتحاور

وأثارت تلك القرارات موجة من ردود الأفعال الغاضبة داخل الحزب، ودفعت مناوئيه إلى عقد مؤتمر صحافي أعلنوا فيه رفضهم لقراراته، باعتبارها “غير قانونية ومخالفة للنظام الأساسي للحزب”.

ومع اقتراب المؤتمر الرابع، بلغ التصدع داخل الحزب ذروته أمام تنافس محموم بين التيارين المنقسمين على الظفر بزعامته وتيسير شؤونه مستقبلا.

وفي وقت تداولت فيه بعض وسائل الإعلام المحلية أخبارا مفادها منع مصالح وزارة الداخلية تيار المستقبل داخل حزب الأصالة والمعاصرة من عقد مؤتمره الرابع الذي كان مزمعا تنظيمه نهاية الشهر الجاري، ينفي عبداللطيف الغلبزوري، الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بمدينة تطوان ذلك. وأشار الغلبزوري إلى أن تيار الشرعية داخل الحزب يأمل في إقناع القيادات المعارضة له بالذهاب إلى الحزب موحدة.

ويشترط تيار الشرعية بقيادة حكيم بنشماس كي يتم عقد المؤتمر بشكل موحد التزام الطرف الآخر بمشروع الحزب ومؤسساته الشرعية، بما يضمن وحدته وانخراط الجميع في العمل الحزبي الجاد.

وأرجأت المحكمة الابتدائية بالرباط، البت في الدعوى التي رفعها حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة ضد تيار المستقبل الذي يقوده البرلماني عبداللطيف وهبي، بعدما قرر التيار عقد المؤتمر الوطني الرابع بمعزل عن قيادات تيار الشرعية برئاسة أمين عام الحزب.

ويستبعد مراقبون أن يحمل اجتماع الأمين العام للحزب حكيم بنشماش، الأسبوع الماضي، بفاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس الوطني للحزب والمنتمية لتيار المستقبل الساعي لإزاحة بنشماش من الأمانة العامة، مصالحة حقيقية بين كوادر الحزب، حيث لم يسفر اللقاء عن أي إجراء تصالحي فعلي ينهي الأزمة الداخلية التي يعاني منها الحزب منذ فترة.

وأوضح عبدالمطلب أعميار، عضو المكتب الفيدرالي للأصالة والمعاصرة في تصريح لـ”العرب” أن اللقاء تم بطلب من المنصوري دون أن تكون هناك شروط تفاوضية على الإطلاق لوضع آليات للتحاور. واتهم القيادية (المنصوري) بأنها أوهمت داعميها بأن هناك تنازلات من طرف الأمين العام للحزب بأنه سيتراجع عن القرارات الأخيرة التي تم اتخاذها، وهو أمر عار عن الصحة.

ويلاحظ مراقبون أن شروط المصالحة لم تنضج بعد مع تمسك كل شق داخل الحزب بمواقفه. وقد رفض الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أي مصالحة مشروطة مع خصومه من تيار المستقبل المعارض لسياسته واصفا إياهم برموز التمرد والانقلاب على قوانين الحزب ومؤسساته وأنهم كانوا وراء افتعال الأزمة الداخلية. وتوعد بنشماش بمواصلة اتخاذ قرارات تأديبية جديدة “ضد كل المخلين بضوابط وأخلاقيات العمل الحزبي”. في المقابل لا تستبعد نبيلة بنعمر، المنتمية لتيار “المستقبل”، أن “يتراجع الأمين العام للحزب عن موقفه التصعيدي بعد التشاور مع محيطه المكون من موظفين في مجلس المستشارين وأعضاء في الهياكل التقريرية للحزب”.

العربي المحرشي، عضو المكتب السياسي في الأصالة والمعاصرة، قام بتجميد حضوره في جميع الأنشطة واللقاءات ما فاقم أزمة الحزب الداخلية

ويرى مراقبون أن الترحيب بالمصالحة مشروط عند تيار “الشرعية” ويجب أن يكون من داخل الأجهزة ومؤسسات الحزب، حيث يرفض هذا التيار تجاهل العمل المؤسساتي للحزب والتمرد عليه.

وفي ذروة الصراع الدائر بين الإخوة الأعداء قام العربي المحرشي، عضو المكتب السياسي في الأصالة والمعاصرة، بتجميد حضوره في جميع الأنشطة واللقاءات، ما فاقم أزمة الحزب الداخلية.

ويعد المحرشي اليد اليمنى للأمين العام للحزب، ويعتبر قرار استقالته بمثابة ضغط في اتجاه تثبيت مبدأ مبادرة المصالحة التي تعطلها جهات داخل الحزب محسوبة على بنشماس.

ورغم حدة الخلافات، يحافظ تيار المستقبل على حماسه لتنظيم المؤتمر الرابع ويواصل استعداداته في هذا الشأن، بينما يتخوف تيار بنشماس من نتيجة لن تكون في صالحه وقد تقصيه من قيادة الحزب.

وأسّس حزب العدالة والمعاصرة، عام 2008، فؤاد عالي الهمة، الوزير المنتدب السابق لدى وزارة الداخلية، المستشار الحالي للعاهل المغربي الملك محمد السادس. وبعد أشهر قليلة من تأسيسه، فاز الحزب بحوالي 21 بالمئة من المقاعد في الانتخابات البلدية، مقارنة بـ7 بالمئة فقط لحزب “العدالة والتنمية” (إسلامي)، قائد الائتلاف الحكومي حاليا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: