انتكاسة للإسلاميين في أول سباق رئاسي

استفاقت الأحزاب السياسية في تونس يوم الانتخابات الرئاسية الأحد على وقع عقوبات شعبية في حقها فرضها عليها الشارع عبر صندوق الاقتراع، وذلك بصعود مرشحين إلى الدور الثاني من الاستحقاق الرئاسي لا ينتميان إلى دائرة الحسابات الحزبية والأيديولوجية، فانهزم البورقيبيون وانتكس الإسلاميون في أول تجربة دفع مرشح لسباق قرطاج فيما حافظ اليساريون على تذيّل الترتيب.

وستتم دعوة الناخبين مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في جولة ثانية بين أول اثنين من الفائزين في الجولة الأولى طالما لم يحقق أي من المرشحين للرئاسة نسبة 50 بالمئة زائدا واحدا.

وأعلنت حركة النهضة التي دفعت ولأول مرة في تاريخها بمرشح للانتخابات الرئاسية عن عدم قبولها للنتائج الأولية للسباق الرئاسي، وكشفت صدمتها من انتكاسة حاولت تجنبها في البداية، لكن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية عن موعد الانتخابات التشريعية بعد وفاة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي فرضها عليها.

وقال مدير الحملة الانتخابية لمرشح حزب النهضة عبدالفتاح مورو، سمير ديلو، إن حركتهم لا تقبل النتائج الأولية المعلنة من طرف شركات سبر الآراء وتعتبرها توجيها للرأي العام، مبينا أن النهضة علقت آمالها في أن تظهر النتائج النهائية صعود مرشّحها للدور الثاني من الانتخابات وتختلف عن النتائج ورغبة في فرض الأمر الواقع.

وحمّل أنصار النهضة وأعضاؤها مسؤولية فشل مورو في المرور إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية إلى زعيمها راشد الغنوشي واعتبروا أن انقلابه على الأغلبية داخل الحركة سبب رئيسي في فقدان خزانها الانتخابي بعد فترة حكم اتسمت بالفشل الذريع في تحقيق برامج الحركة ومخططاتها.

الانتخابات الرئاسية خضعت إلى منطق التصويت وفق المبادئ لا البرامج، فصعد قيس سعيّد إلى الدور الثاني كشخصية رآها الكثير من التونسيين نظيفة اليد وصادقة

واتهم القيادي بمكتب حزب النهضة في ألمانيا، أبوبكر السعداوي، الغنوشي بإفشال الحملة الانتخابية لعبدالفتاح مورو من خلال تعمده عدم التركيز على ولايات الجنوب التونسي واعتبارها خزّانا أصواته مضمونة لفائدة مورو ولا تستحق حملة انتخابية.

ورأى السعداوي أن سكان مناطق الجنوب التونسي ملّوا وعود الغنوشي وحركة النهضة وتوجهوا لاختيار قيس سعيّد الذي يرونه الأنسب لهم والشخص الأقرب إلى تحقيق التنمية في مناطقهم بعيدا عن منطق الوعود الزائفة التي أطلقتها حركة النهضة في انتخابات 2014. وتبدو النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في تونس دليلا واضحا على معاقبة الشعب التونسي النخبة السياسية وعلى رأسها أحد أهم أطراف الحكم، حركة النهضة، التي بدأت شعبيتها في التقلص منذ الانتخابات المحلية التي جرت سنة 2018 وتصدر فيها المستقلون نتائج الانتخابات وابتعد فيها الحزب الإخواني عن المرتبة الأولى.

ويرى محللون في تونس أن الانتخابات الرئاسية خضعت إلى منطق التصويت وفق المبادئ لا البرامج، فصعد قيس سعيّد إلى الدور الثاني كشخصية رآها الكثير من التونسيين نظيفة اليد وصادقة قادرة على تحقيق كل ما وعدت به الناخبين، وانهزم حزب النهضة الإخواني والأحزاب الأخرى المتفرّخة عن الحزب الذي أسسه الرئيس التونسي الراحل محمد الباجي قائد السبسي.

وقال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي لـ”العرب” إن النهضة عوقبت من طرف أنصارها وجزء هام من التونسيين وأرادوا لها الانتكاسة في أول تجربة سياسية تقدم فيها مرشحا للسباق الرئاسي وحاكموها عبر صندوق الاقتراع.

واعتبر العبيدي أن مبدأ التصويت الذي فوّض به الشعب التونسي الحركة الإسلامية للبرلمان سنة 2014، وهو مبدأ نظافة اليد، أسقطها به اليوم وانتزع منها هذه الصفة في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 واعتبرها غير جديرة بها فتحوّلت ثقة الناخبين إلى المرشح المستقل قيس سعيّد الذي سينافسه في الدور الثاني المرشح نبيل القروي الذي يتحوّز على حاضنة شعبية اكتسبها بأعمال خيرية مارسها كقاطرة إشهار سياسي. واستشعرت حركة النهضة هزيمة مورو في الاستحقاق

النهضة تتوجس خوفا على الانتخابات البرلمانية

الانتخابي الرئاسي من البداية فأرادت استباقها بدعوة أطلقها راشد الغنوشي لمرشحين ثلاثة يطالبهم ضمنها بالانسحاب من سباق قصر قرطاج لصالح مورو، محاولا لمّ شمل الإسلاميين ساعات قليلة قبل فترة توجه الناخبين لصندوق الاقتراع.

وترشح عن الشق الإسلامي في تونس 3 مرشحين للانتخابات الرئاسية وفشل ثلاثتهم في المرور إلى الدور الثاني؛ فحل مورو في المرتبة الثالثة وسيف الدين مخلوف في المرتبة الثامنة فيما حل الأمين العام السابق للنهضة حمادي الجبالي في المرتبة العشرين من ضمن 26 مترشحا.

واضطرت النهضة إلى تقديم مرشح من ضمن قياداتها للانتخابات الرئاسية، وذلك بعد أن فشلت في إيجاد مرشح توافقي من خارج الحركة يضمن ولاءها داخل قصر قرطاج وبعد تغيير مواعيد الانتخابات إثر وفاة الرئيس الراحل محمد الباجي قائد السبسي علما وأنها كانت ترفض خوض سباق الانتخابات الرئاسية وتعمل على تزعم المشهد البرلماني وترؤس الحكومة خلال المدة النيابية القادمة.

وتتخوف الحركة الإسلامية من أن تظل نوايا التصويت لدى التونسيين على نفس التوجهات والخيارات في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في السادس من شهر أكتوبر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: