اختراق اليمين المتطرف لشرق ألمانيا يذكّي عقدة النازية

أعرب الرئيس الأسبق للكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي، الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، عن قلقه من النتائج التي أحرزها حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف في الانتخابات المحلية بولايتي سكسونيا وبراندنبورغ شرقي ألمانيا، ما يذكي المخاوف من عقدة النازية التي وصلت إلى السلطة بطريقة ديمقراطية لترتكب بعد ذلك أبشع الجرائم في العصر الحديث.

وقال فريدريش مرتس المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تنتمي إليه أيضا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “أرى نتيجة حزب البديل مقلقة للغاية”.

وبحسب النتائج الرسمية المؤقتة، فقد حصل الحزب المسيحي الديمقراطي في سكسونيا على نسبة 32.1 بالمئة من الأصوات، وهو تراجع جديد له في هذه الولاية، بينما حقق البديل الألماني أفضل نتائجه على مستوى ألمانيا في هذه الانتخابات، بحصوله على نسبة 27.5 بالمئة من الأصوات، ليطيح بذلك بحزب اليسار من مركزه كثاني أقوى حزب في الولاية.

وشدّد مرتس، الذي يشغل منصب نائب رئيس المجلس الاقتصادي بالحزب المسيحي الديمقراطي، على رأيه بأنه يمكن استعادة نصف ناخبي حزب البديل اليميني على الأقل من خلال ما يسمّى بالأحزاب الشعبية، وأشار إلى التحفظات الكبيرة بولايات شرقي ألمانيا ضد الحكومة الاتحادية في برلين ولاسيما ضد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وقال “من يتجاهل ذلك، فإنه لم يفهم المعركة الانتخابية في الولايات الاتحادية الجديدة”.

وأضاف مرتس أنه ليس الحزب المسيحي الديمقراطي وحده الذي لديه مشكلة تعبئة، وأشار إلى أن ذلك يطرح تساؤلا أيضا عن “مصدر اكتساب الأحزاب السياسية لأعضائها؟”، لافتا إلى أن الحزب المسيحي الديمقراطي لديه حاليا “عدد قليل للغاية من الأعضاء الموثوقين ومن المرشحين الموثوقين”.

فريدريش مرتس: أرى نتيجة حزب البديل من أجل ألمانيا مقلقة للغاية
فريدريش مرتس: أرى نتيجة حزب البديل من أجل ألمانيا مقلقة للغاية

وأشار أيضا إلى أن كثافة الأعضاء في شرقي ألمانيا لا تكافئ سوى نصفهم في غربي ألمانيا.

وتتواتر التحذيرات الألمانية بشكل شبه يومي تقريبا، على غرار العديد من الدول الأوروبية، من تنامي المد المتطرف اليميني لكنها تبدو أقل قلقا وحذرا من برلين، فهل أن الظاهرة حقا مقلقة لدرجة الاستنفار، أم أن برلين لم تتخلّص بعد من “عقدة” النازية؟ وتشهد ألمانيا تحولات سياسية واجتماعية غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، أولها عودتها إلى موقعها المهيمن على أوروبا عن طريق مؤسسات الاتحاد الأوروبي نتيجة قوتها الاقتصادية الهائلة في القارة، وتلاشي أصوات الأجيال الكبيرة سنّا، والتي عاصرت أيام النازية المريرة لصالح الأجيال الأصغر التي تشعر الآن بثقة أكبر في التعبير عن هويتها الألمانية دون أن تقع بالضرورة في فخ النازية، وعلى الرُغم من ذلك، يبدو أن شبح النازية يحوم هذه الأيام حول ألمانيا.

ويتبني النازيون الجدد، وهم يمنيون متطرفون يعتبرون أنفسهم امتدادا للنظام النازي الذي حكم ألمانيا بين 1933 و1945، شعارات الأيديولوجية النازية مثل الصليب المعقوف، ويعتنقون أفكارا معادية للمهاجرين والأشخاص غير المنحدرين من أصل ألماني، ويعادون النظام السياسي الحالي في البلاد.

ولعل قلق السياسيين الألمان من تزايد هذه الظاهرة يعود إلى فظائع النظام النازي. فقد لقي أكثر من ستة ملايين يهودي حفتهم من قبل النازيين في عمليات منظمة، معظمهم قتلوا في معسكرات الاعتقال.

وتواجه ألمانيا تزايدا لافتا في عدد جرائم اليمين المتطرف، ما يؤشر إلى توسع نطاق فكر عنصري يهدد التعايش المشترك، فيما كشفت أجهزة الاستخبارات البلجيكية مؤخرا أن اليمين المتطرف في أوروبا الغربية بصدد التسلّح.

وسجلت جرائم اليمين المتطرف في ألمانيا رقما قياسيا عام 2016، على خلفية موجة اللجوء الكبيرة في 2015، لتبلغ 23 ألفا و555 جريمة.

وفي العام 2017، سُجلت 20 ألفا و520 جريمة لليمين المتطرف، فيما تناقص العدد إلى 19 ألفا و105 جريمة للعام 2016.

ويشير الخبراء إلى أن العدد الحقيقي لجرائم اليمين المتطرف أكبر بكثير مما هو مسجل في التقارير، بسبب عدم قيام الكثير من الأشخاص بالإبلاغ عن هذا النوع من الحوادث والجرائم.

وشكلت حالات الدعوة والترويج للتمييز العنصري النسبة الأكبر بين جرائم اليمين المتطرف، في حين تم تسجيل أكثر من ألف حالة لاستخدام العنف والقوة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: