معتقلون من حراك الريف المغربي يناشدون ملك البلاد التدخل لإيجاد حل لملفهم

بعدما أعلن معتقلون على خلفية حراك الريف يمضون في سجن فاس حكماً لمدة زمنية طويلة «تخليهم عن الجنسية المغربية وإسقاط رابطة البيعة، احتجاجاً على اعتقالهم والمقاربة التي اعتمدتها الدولة مع ملفهم»، سارع محللون للحديث عن عدم وجود شيء في القانون المغربي يسمى «التخلي عن الجنسية»، وإن إسقاط الجنسية قرار تتخذه الجهات العليا.
وكان أحمد الزفزافي بحضور بعض عائلات المعتقلين رسالة تحمل توقيع كل من ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق ووسيم البوستاتي وسمير إيغيد ومحمد حاكي وزكرياء أضهشور، في فيديو مباشر بثه عبر صفحته بفي «فيسبوك»، كشف فيه ما أقدم عليه المعتقلون، وتوجه مباشرةً إلى الملك محمد السادس مناشداً إياه حل ملف المعتقلين، باعتبار أن وحده من يملك الحل.
وبرر المعتقلون الستة في رسالتهم المطولة قرار التخلي عن الجنسية المغربية وإسقاط رابط البيعة و«المفاجأة الصادمة» التي عاشوها من تفاصيل وسيرورة ملفهم، منذ تفجر حراك الريف في أكتوبر 2016، إلى صدور الأحكام، مروراً بتفاصيل المحاكمات، ومعاناة أسرهم وذويهم، محملين الدولة «مسؤولية وضعهم الصحي الذهني ابتداء من تاريخ صياغة البلاغ، ومؤكدين أن قرارهم اتخذ وهم «في كامل قدراتهم العقلية والجسدية والذهنية.
وقال المعتقلون الذين هددوا في وقت سابق باتخاذ «مواقف راديكالية» إن «الأحكام القضائية الصادرة في حقهم انتقامية ناجمة عن آراء ومواقف سياسية، وبعد ركوننا للصمت منذ اليوم الأول لاعتقالنا، منتظرين صناع القرار السياسي للدولة الركون للنقد وتقويم المنحى الذي اختاروه خياراً رسمياً للتعامل مع الحراك الشعبي، وبعد اقتناعنا التام بعد معاينتنا لظروف المرحلة الابتدائية لمحاكمتنا، (تراوحت الأحكام بحق مئات من الناشطين بين سنة و20 سنة سجناً نافذاً)، اقتنعنا فيها أن الدولة تسخر القضاء كجهاز ملحق للمؤسسة الأمنية ومتمم لخطوطها وإستراتيجياتها»، وأضافوا: «قاطعنا المرحلة الاستئنافية مقاطعة تامة حتى لا نصير جزءاً من عملية التوليب الرامية إلى التكييف القضائي لعقل الدولة الأمني الذي تعاملت به مع ريفنا وحراكه الشعبي وبعده مع معتقليه السياسيين».

أحكام قضائية انتقامية

ووصف المعتقلون أنفسهم بـ«عتقلي الحراك الشعبي في الريف السياسيين المتواجدين بسجون الدولة المغربية والصادرة في حقنا أحكاماً قضائية انتقامية ناجمة عن آراء ومواقف سياسية عبّرنا وعبّر عنها الحراك الشعبي في الريف بشكل علني وجماهيري تنتقد المناخ والمشهد والبنية السياسية المخزنية المغربية»، وقالوا إنهم «بعد ركوننا للصمت منذ اليوم الأول لاعتقالنا منتظرين صناع القرار السياسي للدولة الركون للنقد وتقويم المنحى الذي اختاروه خياراً رسمياً للتعامل مع الحراك الشعبي ومعتقليه والقائم هذا الخيار على تسييد العقل الأمني القائم على القمع المادي والنفسي والحصار والتضييق والاعتقال والاغتيال السياسيين»، وإنهم بعد اقتناعهم التام نتيجة لمعاينتهم «لظروف المرحلة الابتدائية لمحاكمتنا التي اقتنعنا فيها أن الدولة تسخر القضاء كجهاز ملحق للمؤسسة الأمنية ومتمم لخطوطها وإستراتيجياتها».
وأضافوا في رسالتهم الموجهة إلى وزير العدل، محمد أوجار، ورئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، أن ما جرى في المرحلة الابتدائية من محاكمتهم جعلهم يقاطعون المرحلة الاستئنافية «مقاطعة تامة حتى لا نصير جزءاً من عملية التوليب الرامية إلى التكييف القضائي لعقل الدولة الأمني الذي تعاملت به مع ريفنا وحراكه الشعبي وبعده مع معتقليه السياسيين. وقالوا إن محاكمتهم بمرحلتيها «جاءت استمرارية لسياسة الهروب للأمام بالقبضة الحديدية الأمنية وتغليبها كخيار إستراتيجي أوحد للدولة المغربية بدل إعمال العقل والتعقل والإقرار بفشل السياسات العمومية والشروع في تقويم الأخطاء عبر الإنصات أولاً لصوت جماهيرنا العظيمة ومطالبهم المشروعة المعبر عنها في الملفات المطلبية بالريف وتدشين مرحلة انتقالية فعلية قائمة على ربط المسؤولية بالمحاسبة ومتابعة المفسدين والاعتذار العلني للريف والريفيين»، وإنها بدلاً من ذلك «اختارت الدولة المغربية تسييد منطق القوة والقمع عبر شيطنة حراكنا وتسخير الإعلام العمومي كذراع لتوهيم الرأي العام لتمرير مغالطات وأباطيل تمس بخط الحراك وأهدافه وخطابه وبعده توظيف المساجد وتسخير ورقة الدين في التدافع السياسي قصد الحشد والتجييش ضد حراكنا بدل الارتكان للحوار الذي طالبنا به منذ بداية الحراك وفبركة الأحداث واختلاقها لتوريط الحراك الشعبي السلمي ومحاولة إلباسه طابع العنف ووصل الأمر حد محاولة التصفية المباشرة والتشهير بنشطاء الحراك والمس بأعراضهم بغية إفقادهم المصداقية التي حظوا بها لدى الرأي العام».

اتهام الدولة بتجاهل مطالبهم

ويتحدث المعتقلون في رسالتهم عما عانوه في علاقتهم مع الدولة بتوالي مسلسل التعنت والتجاهل لمطالبهم وسلميتهم ومطالبتهم بالحوار «ليصل لحشد الجهاز التنفيذي ضد الشعب وتطلعاته باستصدار بيان الأغلبية الحكومية يتهم الريفيين بالانفصال في خرق سافر لدور الحكومة كمؤسسة ومهامها والنقل بها من مؤسسة تنفيذية إلى جهاز يتماهى مع الخيار الأمني للدولة المغربية ليعقبها اتهامنا بجينات التمرد من طرف النيابة العامة بعد اعتقالنا من طرف السلطات المغربية الشيء الذي يؤكد بشكل صريح وواضح غياب أي مظهر لشعار دولة المؤسسات الذي يتم تسويقه رسمياً وصورياً وتعنيف ساكنة الريف العزل وتوظيف القوة والقمع واعتقال القاصرين والنساء ومتابعة الآلاف من الناس بسبب آراء تم اعتبارها صكاً اتهامياً وخرقاً لمنصوصات المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة المغربية، والتجاسر على الحق المقدس في الحياة والمس به باغتيال محسن فكري وعماد العتابي وعبد الحفيظ الحداد وإقبار ملفاتهم.
وواصل المعتقلون الستة في رسالتهم بالقول إن أسلوب التطويع القسري الذي انتهجته السلطات المغربية تجاهنا بدءاً من تزوير المحاظر ومروراً بالتعذيب المادي والنفسي كشكل من أشكال العقاب والذي أقره تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في صيغته السابقة والذي أقبرته السلطات وحالت دون خروجه للعلن كدليل إثبات للتعذيب الممارس علينا للتغطية على جريمتها السياسية أمام توجيه القضاء والتحكم فيه لإدانتنا بتغييب كل الأدلة التي تثبت براءتنا التامة.
وقالوا إنهم أمام توالي التضييق عليهم داخل السجون «بتشتيتنا واستفزازنا بكل الأشكال الحاطة بالكرامة الإنسانية، والتضييق على أهالينا وعائلاتنا بترهيبهم نفسياً وتتبعهم بشكل بوليسي ومنعهم من ممارسة حقهم الدستوري في التنظيم والعمل المدني واستمرار الحصار الأمني للريف والتبين أن الدولة المغربية عازمة على إبقاء بنيتها السلطوية والتقليدية وتجاهلها للأصوات والتطلعات المتزايدة للقطع مع هذه البنية والانتقال للدولة الحديثة والمدنية، وغياب تعاقد اجتماعي حقيقي والإجهاز على كافة حقوقنا كمواطنين تامي الأهلية وسلبنا حريتنا وانتزاع كافة حقوق مواطنتنا بشكل قسري وممنهج، وأمام معاملتنا كأسرى لا كمواطنين» قرروا إبلاغ الرأي العام الوطني والدولي عزمهم وهم في كامل قدراتهم العقلية والجسدية والذهنية على «التخلي عن جنسية الدولة المغربية وإسقاطها وإسقاط رابط البيعة، وتحميل الدولة المغربية كامل المسؤولية عن أي مساس يمسنا ذهنياً وجسدياً وتحميل المجتمع الدولي وهيئاته ومؤسساته مسؤولية تتبع مصيرنا».

تعبير عن حالة يأس وقنوط

ووصف أحمد الزفزافي ما ورد في رسالة ابنه ناصر وبقية المعتقلين بأنه «منتهى اليأس والقنوط من الوطن»، وأكد على أن «عائلات المعتقلين لا يمكنهم السكوت على ما وصل إليه الملف، من تهميش ومحاولة طيه بهذا الشكل»، مهدداً بـ»التصعيد بجميع الوسائل المتاحة»، وليس له «سبيل الآن سوى التوجه لملك البلاد واللجوء إليه لإنهاء معاناة المعتقلين وعائلاتهم».
وأوضح لمعتقلي أن قرار المعتقلين التخلي عن جنسياتهم المغربية وإسقاط «رابط البيعة»، مرحلة خطيرة تعبر عن مستوى اليأس والقنوط من هذا الوطن ومن وعود المسؤولين، وقال إن «الوطن الذي لا يحمي أبناءه ليس وطناً، والمسؤول الذي لا يحمي أبناء وطنه لا يحق له أن يكون مسؤولاً». وقال: «هؤلاء شباب استطاعوا فضح الفساد وتعرضوا للاعتقال والتعذيب بطرق بشعة ومحاكمات غير قانونية، وحكم عليهم بأحكام جائرة وظالمة، ولُفقت لهم تهم الانفصال وزعزعة استقرار البلد، الدولة للأسف تراجعت في الميدان الحقوقي والقضائي».
وقال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن «مجموعة من العوامل ساهمت بالدفع بمعتقلي الريف للإعلان عن إسقاط جنسيتهم المغربية»، من بينها «التصريحات الصادرة عن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، وشوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، والتي تسعى إلى إسقاط صفة المعتقل السياسي عن معتقلي الريف». وأضاف أن «الوضع السياسي الراهن بدوره ساهم في تأزيم الوضع، خصوصاً أن الدولة المغربية لم تبين عن إرادة حقيقية لحل ملف حراك الريف بصفة عامة، وملف المعتقلين بصفة خاصة»، مشدداً على أن «هناك ردة حقوقية على جميع الأصعدة، وبيان المعتقلين تجل من تجليات هذه الردة»، وقال إن «فشل المبادرات المدنية وعدم الوفاء بالوعود المقدمة سواء من طرف الدولة أو مؤسستها، زاد من حدة الاحتقان والتوتر بين المعتقلين والجهات المسؤولة»، وإن «بلاغ المعتقلين بمثابة دق لناقوس خطر، وعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية بما فيها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على اعتبار أنها واكبت الملف منذ بداياته».

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: