المغرب: محاكمة المتهمين في مقتل السائحتين الإسكندنافيتين تقترب من نهايتها

بينما اقترب مسلسل محاكمة المتهمين في قضية مقتل السائحتين الإسكندنافيتين بمنطقة إمليل بضواحي مراكش، من نهايته، حيث احتضنت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف في مدينة سلا المجاورة للرباط، المكلفة قضايا الإرهاب، أمس، جلسة سادسة، طالبت فيها والدة إحدى الضحيتين (الدنماركية) الحكم بالإعدام على المتهمين الثلاثة الرئيسيين في الجريمة التي هزت المغرب منتصف ديسمبر  الماضي.
وشمل طلب والدة الضحية الدنماركية كلا من عبد الصمد الجود (25 عاما) «أمير» الخلية، ويونس أوزياد (27 عاما) اللذين أقرا أمام المحكمة بذبح الضحيتين، بالإضافة إلى رشيد أفاطي (33 عاما) الذي اعترف من جهته بتصوير الجريمة، ونشر الفيديو في إحدى المجموعات المغلقة لتنظيم «داعش».
ويأتي طلب أسرة الضحية الدنماركية منسجما تماما مع العقوبات التي طالبت بها النيابة العامة في الجلسة الخامسة للمتهمين الرئيسيين في القضية، التي بلغ عدد المتهمين فيها 24 شخصاً، من بينهم أجنبي واحد.
وطالبت النيابة العامة في الجلسة السابقة بالسجن المؤبد في حق عبد الرحيم خيالي (30 سنة) الذي كان رفقة المتهمين في القضية قبل أن يتراجع قبل تنفيذ العملية.
وكانت الطالبتان، الدنماركية لويزا فيسترغر يسبرسن (24 عاما) والنرويجية مارين أولاند (28 عاما) قد لقيتا مصرعهما ذبحاً على أيدي الأشخاص الموالين لتنظيم «داعش» الإرهابي، في منطقة إمليل الجبلية بنواحي مراكش، التي كانتا تمضيان إجازة فيها، وذلك 16 – 17 ديسمبر  2018.
وشهدت الجلسة تلاوة رسالة مؤثرة لوالدة الضحية الدنماركية، ألقاها محاميها خالد الفتاوي، خاطبت فيها القاضي رئيس الجلسة والحاضرين في المحاكمة قائلة: «تخيلوا لو فعل شخص مثل هذا بأبنائكم؟»، وأكدت أنها تتذكر فقط آخر رسالة وصلتها من ابنتها الضحية تقول فيها: «أمي احضري حالا لإنقاذي»، وذلك في رسالة استغاثة واضحة من الضحية التي وقعت فريسة في أيدي المتورطين الموالين لـ«داعش».
وطالبت والدة الضحية الدنماركية المحكمة بـ«إعدام المتورطين في مقتل ابنتها»، معتبرة أن العالم كان سيكون في أحسن حال من دون منفذي هذه الجريمة النكراء»، وشبهت ابنتها بـ«الملكة والمرأة الرقيقة التي عاشت سعيدة ولم تمس أحدا بأي أذى».
في المقابل، طالبت حفيظة مقساوي، محامية الدفاع عن المتهمين الثلاثة الرئيسيين، المحكمة بـ«تمتيعهم بظروف التخفيف نظرا لأنهم ضحايا أوضاع اجتماعية هشة وغير متوازنين نفسيا».
وشددت مقساوي على أن من يقترف مثل هذه الجريمة «لا يمكن أن يكون متوازنا»، ودعت إلى عرض المتهمين الثلاثة على فحص طبي نفسي، لافتة إلى أن مرافعتها «لا تهدف إلى إسقاط مسؤولية موكليها عن الجريمة، وإنما لأخذ ظروفهم الاجتماعية بعين الاعتبار».
وأشارت قساوي إلى أن الأفراد المتورطين في مقتل السائحتين الإسكندنافيتين «تكوينهم الأكاديمي ضعيف وينتمون للفئة الأكثر هشاشة في المجتمع، وهي التي تمثل في كل البلدان الفئة الأكثر عرضة للسقوط في التطرف»، وعدّتهم مجرد «ضحايا أفكار وكتب، منها كتب الملاحم والفتن التي جعلتهم يميلون إلى التطرف»، حسب رأيها.
وكانت النيابة العامة قد طالبت بإدانة المتهمين الـ20 الآخرين في القضية بالسجن ما بين 10 و30 سنة سجناً نافذاً، والذين واجهوا تهما ثقيلة تتراوح بين «تشكيل خلية إرهابية» و«الإشادة بالإرهاب» و«عدم التبليغ عن جريمة»، حيث نفوا وجود أي صلة لهم بالجريمة، في الوقت الذي اعترف بعضهم بموالاة تنظيم «داعش»، وأعلنوا تبني أفكار متشددة أثناء مثولهم أمام المحكمة في الجلسات السابقة.
ويوجد ضمن هؤلاء أجنبي واحد هو إسباني – سويسري اعتنق الإسلام يدعى كيفن زولر غويرفوس (25 عاماً) وأقام بالمغرب، وطلب ممثل النيابة العامة إصدار عقوبة بحقّه بالسجن 20 عاما. وقالت محاميته السويسرية ساسكيا ديتشيم إن «حقوقه الأساسية لم تحترم ولم يتمكن بالتالي من إثبات براءته»، وتأسفت في رسالة موجهة لوزارة الخارجية السويسرية على عدم «تمتعه بالحماية القنصلية».
وقال ممثل النيابة العامة خلال جلسة سابقة إن «كل المتهمين باستثناء ثلاثة اعترفوا أثناء التحقيقات بوجود قدر كبير من التخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية»، داخل المغرب، مشيرا إلى أنهم «يبايعون» هذا التنظيم ويحملون أفكاره المتطرفة. وتواصلت أطوار جلسة الاستماع إلى دفاع المتهمين في قضية مقتل السائحتين الإسكندنافيتين حتى فترة المساء، وسط توقعات بأن المحكمة ستنطق بالحكم في القضية خلال جلسة أخرى إذا تعذر عليها إصدار حكمها في الجلسة التي تحظى بمتابعة واسعة من طرف الإعلام المحلي والدولي.
وجرى إرجاء الجلسة إلى 18 يوليو الجاري، حيث أكد القاضي أنه سيمنح فيها الكلمة الأخيرة للمتهمين قبل رفع الجلسة للمداولة التي تسبق النطق بالحكم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: