أصيلة تحتفي بالموسيقى الأفريقية والمغربية

المدينة الموريسكية تنفتح على موسيقات العالم والفن الأفريقي التقليدي.

يتواصل حتى التاسع عشر من يوليو الجاري بمدينة أصيلة المغربية موسم أصيلة الثقافي الدولي الـ41، والذي تم افتتاحه في الـ16 من يونيو الماضي، حيث جرت العادة أن تنطلق فعالياته بالرسم على جداريات أزقة مدينة أصيلة العتيقة التي يشارك فيها فنانون من المغرب وخارجه، لكن الجديد هذا العام تمثل في إنشاء موسم موسيقى أفريقيا الأول، الذي كان له صدى كبير بالشارع الثقافي للمدينة الموريسكية.

 أصيلة (المغرب) – كان حضور الموسيقى تميزا ملحوظا في الدورة الحادية والأربعين من موسم أصيلة الثقافي بالمغرب، حيث كانت الجماهير الغفيرة على موعد مع موسيقيين مغاربة وأفارقة ضمن برنامج حافل اختتم الخميس، تناوبت فيها السهرات بين فضاءات خارجية وأخرى مُغلقة كمكتبة بندر بن سلطان مع قصر الثقافة بالمدينة الأطلسية.

وتم تدشين موسم موسيقى أفريقيا الأول، في حفل الافتتاح، الأحد، بمدرج مكتبة بندر بن سلطان بحضور الفنانات المصريات ليلى علوي والمخرجة إيناس الدغيدي وبوسي شلبي كضيفات شرف، وقد أكدت ليلى علوي لـ“العرب” عشقها لموسم أصيلة والغنى الثقافي والفني الذي تزخر به المدينة وانفتاحها على تجارب فنية وثقافية جديدة والتطور العمراني والفني الذي عرفته في السنوات الأخيرة، مؤكدة أنها تحضر للمرة الثالثة إلى أصيلة.

أندلسيات وأفريقيات

ليلى علوي: أعشق موسم أصيلة والغنى الثقافي والفني الذي تزخر به المدينة
ليلى علوي: أعشق موسم أصيلة والغنى الثقافي والفني الذي تزخر به المدينة

شاركت في حفل الافتتاح، الأحد، أصوات من أفريقيا منها ترانيم صوتية أكابيلا من أداء “مجموعة سيمينتيرا” من الرأس الأخضر وفرقة “كناوة” المغربية، إضافة إلى المؤدي شالو من أنغولا الذي غنى من تراث بلاده.

وقال ماريو لوسي، موسيقي وشاعر من الرأس الأخضر، “إن ما يربط المغرب وأفريقيا أكبر من أن يحصر مركزا على الجانب الموسيقي، وبالخصوص ‘الكناوة’ هذا الفن المغربي الأصيل الحاضر أيضا بأصيلة، والذي يعتبر تعبيرا إيقاعيا عن تجربة الرق الذي عرفته القارة السمراء”.

وأضاف “إننا في الرأس الأخضر لا نعرف أجدادنا، كون السكان عنصرا مختلطا نسميه ‘المولدين’ بين العنصر البرتغالي الذي احتل هذا الأرخبيل والأفارقة العبيد المستقدمين من أنحاء أفريقيا، والإيقاع يؤثر فينا بعمق”.

كما أكد ماريو لوسي، الذي شغل منصب وزير الثقافة في بلده، أن المجموعة التي يرأسها مكونة من ثلاث نساء وخمسة رجال، وقد تشكلت في العام 1990 وكانت تعتبر من أفضل الفرق الموسيقية بالرأس الأخضر، وقد توقفت عن العزف في العام 2003، و”ها هي أصيلة تجمعنا مرة أخرى لافتتاح هذا الموسم الذي نريده أن يستمر طويلا”.

وستحتضن مدينة أصيلة منذ الدورة الحالية مهرجانا سنويا تحت اسم “موسم الموسيقى الأفريقي”، يهدف إلى الاحتفال بالإبداع الموسيقي العالمي، وبالفن الموسيقي الأفريقي وبمكانته في القارة الأفريقية، وقد كشف أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة عن إحداث جائزة كبرى للموسيقى الأفريقية، ستخصص لتتويج الأعمال المتميزة في هذا المجال خلال الدورات المقبلة لموسم أصيلة الثقافي الدولي 2020.

ولفتح المجال أمام عدد كبير من الجمهور قرر المنظمون تقديم العروض الموسيقية الأفريقية والمحلية في ثلاثة مواقع بالمدينة، ومن هناك أحيا السنغالي دودوك كواتي حفلته الإيقاعية مستعملا آلات عتيقة استطاع من خلالها إبراز الأدوات الخاصة بالموسيقى التقليدية، كما حضر عثمان الخلوفي المغربي العازف على آلة الساكسوفون ليجمع بامتياز فني بين الألحان المغربية الشعبية والجاز والريغي والبلوز، وقد أكد أن ما يقوم به هو موسيقى جاز شعبي.

وإلى جانب الفرق الموسيقية الأفريقية قدمت الفنانة المغربية نبيلة معن حفلة أخرى، حققت فيها نجاحا متميزا أمام الحضور الغفير، حيث أدت أغنيتها الجديدة “آه يا سلطاني”،
احتفاء بقصة حب تعود للقرن الثالث عشر، إلى جانب أغان من سجل غني يجمع بين الموسيقى الأندلسية والملحون وموسيقى الجاز، رافقها فيها ثلاثة عازفين، كما غنت قصيدتي “أحسنت يا ليل” و“لغزال فاطمة” تجاوب معهما الجمهور الحاضر بالتصفيق والزغاريد.

وفي نهاية السهرة قالت نبيلة معن  “سعيدة بوجودي للمرة الثانية بموسم أصيلة”، معبرة عن امتنانها للجمهور والقائمين على هذا الحفل الموسيقي، موكدة أن أغنيتها الجديدة “آه يا سلطاني” هي احتفاء بالحب في أحلى تجلياته مع استدعاء للتراث اللامادي الذي يزخر به المغرب في المجال الموسيقي القادم من الأندلس.

موسيقات عالمية

في ذات السياق، تفاعل الجمهور مع الإيقاعات التي أبدعت فيها الفنانة الإسبانية صوليا مورينتي نجلة المغني إنريكي مورينتي، والتي قدمت وصلات غنائية رفقة مجموعة “غرينادين نابوليون سولو” أشاد بأدائها الحضور، وقد مزج الحفل الفني بين الفانك وإيقاعات سيرج غينسبورغ.

وقالت صوليا مورينتي إنها سعيدة بتفاعل الجمهور مع أغانيها وعزف الفرقة، واعتبرت أن “هذا الحضور تعبير عن التنوع والتعدد الثقافي الذي تحظى به هذه مدينة أصيلة الجميلة”، متمنية أن تعود مرة أخرى إليها.

كما شهد قصر الثقافة بالمدينة حفلا نشطه الفنان المغربي فيصل عزيزي والذي أدى كوكتيلا من الأغاني ضمنها أغنية “هاك اماما” من السجل التراثي اليهودي المغربي، واستطاع عزيزي أن يمزج بين الصوت المغربي والإيقاعات العالمية، كما أبدعت المغربية سكينة فحصي، إلى جانب مرافقين لها بالقيثارة في قاعة غصت بالمولعين بطريقة أدائها التي تمزج بين ألحان من التراث المغربي الغرناطي والملحون والعيطة وإيقاعت البلوز.

واستحسن عدد من المتابعين أداء الكاتبة والملحنة والمغنية سكينة فحصي، خصوصا عندما صدحت بأغنية “خربوشة” الضاربة في أعماق التراث الموسيقي الشعبي المغربي.

كما عرفت قاعة المؤتمرات بمكتبة الأمير بندر بن سلطان إحياء حفلة كبيرة نشطتها فرقة محمد العربي التمسماني، والتي تعرف بـ“الحضرة الشفشاونية للمديح والسماع”، وهي فرقة أغلبها من النساء أسستها أرحوم البقالي، وتهدف حسب مؤسستها للحفاظ على الموروث الثقافي والفني المغربي الأصيل الذي تحظى به مدينة شفشاون، شمال المغرب، وتسويقه كفن راق داخل وخارج البلد.

وكان قصر الثقافة الذي يقع داخل المدينة القديمة المحاذي للشاطئ، على موعد مع الرباعي الكورد الفرنسي “أركسترا شامبر فرانسي”، هذه الفرقة التي شنّفت آذان الحاضرين بمعزوفات شهيرة لكبار المؤلفين كموزارت وهايدن وغيرهما، وتقاسم العازفون أحاسيسهم مع جمهور متميز لأكثر من ساعة من الزمن، واستطاعت هذه الفرقة المكونة من موريس أندريه وجيرار كوسي وغيرهما، أن تبرهن على تمكنها من أدواتها التي أهلتها لتقديم عروض بالولايات المتحدة بشكل منتظم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: