الروبوت يحرّر الأخبار

لا يكتفي الروبوت بالعمل الانتقائي بل إنه يحرص على إيجاد قنوات تفاعلية لجهة إغناء الخبر وتوسيعه والتعليق عليه.

لم تعد قصة الذكاء الاصطناعي مجرّد طلاسم لا يعلم أسرارها إلا الراسخون في العلم بل إنها تتقدم باضطراد لتتحول إلى أداة تداولية أساسية في الحياة اليومية للبشر.

السباق الرقمي والقفزات التكنولوجية تزامنا مع ما تم التوصل إليه على صعيد الذكاء الاصطناعي، هذه مجتمعة تحقق قفزات هائلة ومع كل تطور تقترب أكثر وأكثر من الاستخدام البشري.

نشهد ذلك في مجالات التقنية والصناعة والأبحاث العلمية ولكن الإعلام ووسائل الاتصال ليست بعيدة عن ذلك السباق وتلك القفزات الهائلة.

والحاصل أن ما يمكن التوقف عنده هو مديات استخدام الذكاء الاصطناعي في توفير بدائل تقترب من قدرات العقل البشري.

في تغطية موسعة كانت قد نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية مؤخرا تساءلت بشكل واضح: هل تصبح الروبوتات مصدرا إخباريا مفضلا لدى البشر؟

تتحدث فيه عن تجارب ميدانية في هذا الباب خلاصتها أن يتفاعل الروبوت مع جمهور افتراضي له ويطرح عليه أسئلة ويتلقى عنها إجابات.

هذه الحالة لن تثير استغرابا ولا أي رد فعل سلبي ما دام الروبوت يتصرف وكأنه بشري، وهو مكتفي بطرح ما هو مخزون عنده من أسئلة وإجابات أو ما يكثر تداوله في أغلب المواقع الإلكترونية التي تقدم خدمات مباشرة من قبيل: أسئلة متكررة.

هذه الأسئلة المتكررة وإجاباتها هي أحد المجالات التي يتم فيها استخدام الروبوت مثلا.

تقول مارجولان غروندان وهي من مبتكري ما يمكن أن نسميه الروبوت الإخباري إنه “نظرا إلى الاحتمالات المتاحة بفعل هذه التكنولوجيا، على الروبوت أن يقود المحادثة وليس العكس، وإلا فإن نطاق عمله سيكون محدودا للغاية”.

وتطمح مارجولان من خلال الروبوت إلى تطوير نموذج اقتصادي قابل للاستمرار لوسائل الإعلام، فيما تعاني الصحافة التقليدية جراء اضمحلال إيراداتها الإعلانية وسط النمو السريع لعمالقة الإنترنت.

لكن في المقابل هناك حاجة ماسة لإقناع الجمهور أن ذلك الروبوت الإخباري يقدم خدمة تفاعلية أقرب إلى المتلقي، بمعنى أن التكنولوجيا يجب أن تكون شفافة بما فيه الكفاية لكي يتكوّن انطباع لدى المستخدمين بأنهم نسجوا علاقة مع الروبوت.

في المقابل وفي إطار عمل ذلك الروبوت الإخباري صرنا أمام نموذج روبوتي قادر على مواكبة الأخبار ذات الصلة بعمل المؤسسة الإعلامية أو الصحافية والتقاطها عبر الكلمات الرأسية أو التاك ونشرها على الفور وبشكل تلقائي في وقت يكون فيه المحررون قد انصرفوا بعد انتهاء أوقات العمل.

وخلال ذلك لا يكتفي الروبوت بالعمل الانتقائي بل إنه يحرص على إيجاد قنوات تفاعلية لجهة إغناء الخبر وتوسيعه والتعليق عليه.

التجارب في هذا المجال تتسع باتجاه نسج القصص الإخبارية تلقائيا من خلال الذكاء الاصطناعي، فمثلا يعاب على رئيسة الوزراء البريطانية المستقيلة تيريزا ماي بأنها “روبوتية في إجاباتها” في ما يتعلق بالسجالات المحتدمة حول الخروج من الاتحاد الأوروبي أو ما يعرف اصطلاحا (بالبريكست).

بسبب ذلك صار من السهل توفير إجابات جاهزة شبيهة بردود وإجابات المسؤولة البريطانية، من قبيل الموعد النهائي للخروج وموضوع الحدود مع أيرلندا وموضوع الاتحاد الجمركي والنفاذ إلى الأسواق الأوروبية وموضوع الهجرة والحدود.

هذه كلها تتوفر لها إجابات موجزة معززة بتواريخ ومعلومات كافية، فلا يحتاج السائل إلى ما هو أكثر منها ولكنه لن يعلم في الوقت نفسه أن هناك روبوتا كامنا خلف شاشة الكومبيوتر يقوم بمهمة المحرر الإخباري أو المحاور اليقظ.

وإذا مضينا في ذلك فإننا سوف نصل إلى خلاصة مفادها أنّ الذكاء الاصطناعي قادر تماما على الوصول إلى نتائج في ما يتعلق بعمل الروبوت الإخباري تعتبر أكثر إقناعا مما نتصور، حتى أنه يصعب التمييز بين ما يحرره البشري عما يحرره الروبوتي الذي تم إعداده جيدا وخضع لضخ ملفات ومعلومات متنوعة وكافية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: