نساء من إسفنج ورجال من رخام

المرأة في الحبّ تتحوّل لكائن آخر غير المعتاد، تعطي بسخاء، تهب قلبها وعقلها، لكنها بالمقابل لا ترضى بأنصاف الرجال ولا أنصاف المواقف ولا أشباه المحبّين، فإما حبّ حقيقي يحتوي كيانها وإما ترحل بصمت ونبل، هذه ليست المرأة كما أراها بل هي صورة لنساء حقيقيات، بارعات في الحب، سخيّات في العطاء.

الرجل الذكي هو من يضيف إلى رصيده عند امرأته كل يوم جديد، لكن من يستنفذ رصيده سريعا، ويصل لمرحلة السحب على المكشوف، فقد خسر كثيرا، لأن المرأة تتحسس من الرجل المنغلق على قلبه، الرافض للتعبير عن حبه، محكم السيطرة بعنجهية وتسلط.

لا تختبر صبر امرأة غاضبة فتفقدها، النساء يعشقن الحوار والمناقشة على عكس الرجال لا يميلون إلى التوترات وكثرة الثرثرة، وهذا التضاد من شأنه خلق حالة من التوازن النفسي والشعوري لاكتمال حالة الحبّ بينهما، بيد أن بعض رجال يريدون نساء تشبههم في كل شيء وهذا ما لا يحدث قطعا، نساء تابعات بلا قلب ولا عقل.

في بعض الأحيان تحاول المرأة أن تشبه الرجل فتصبح رجلا بملابس امرأة، وهذا الوضع البائس لا يرضي كلاهما قطعا.

حاذر أيها الرجل من نفاد طاقة المرأة في الحبّ، ومحاولات التصالح والتغاضي، فهي في هذه اللحظة تتحول لطاقة جبارة من الرفض، القدرة الشديدة على البعاد كان يقابلها قدرة هائلة على الحبّ والاقتراب حين تتخلّى المرأة عن نقطة ضعفها وهي قلبها فحينها تستطيع البعد عنك بكل سهولة، عندما تصطف النساء إلى جانب أحلامهن الضائعة في الحبّ، تتحدثن بلا روح، بلا قلب، تتحدثن بقلوب ضائعة، فعليك أن تدرك أنها لم ولن تعود كما كانت، فهناك في زوايا الروح ثمة شرخ لا يمكنك إصلاحه مطلقا.

حين تسرق المرأة الأحرف من كل لغات العالم لتزيّن جيدك بعقد من الحبّ المنثور وسط جنان العشق الذائب في لحظات هي كل عمرها، وتمنحك إياها مهرا لقبلة عفوية أو كلمة عشق تبخل أنت بها، فأعلم أن القادم لن يكون في صالحك مطلقا.

حينما تغضب امرأة أو تشعل نارها، فعليك بتهدئتها فورا لأنها إن داوت جرحها بيديها لن يكون لك دور في حياتها بعد ذلك.

النساء كالأقمشة شديدة القابلية للاشتعال، عندما تشعل نار غضبها عليك بالإسراع لتهدئتها فورا حتى لا تلحقك تلك النار يوما ما.

ثارت ثائرة زوج ضعيف الثقة في نفسه، استشاط غضبا بلا مبرر عقلاني، ودون إبداء أسباب قوية واضحة كال لزوجته الانتقادات والسباب، هاج وماج، كثرت الشكوى، موقف غامض لرجل لا يكفّ عن إجابة جوفاء، باهتة عند السؤال عن سبب غضبته، فقط يجيب: أنت تعلمين.

وللعجب أن المسكينة لا تعلم شيئا.

تحلّت بالصبر ليس لأنها قطعة من جليد كما كان يظن، هي لهب متطاير لكنها لم تملك رفاهية البوح والثورة، ثارت في نفسها، بكت بحرقة، وظلت لأيام تتساءل، ما السبب لهذه الغضبة الجوفاء، وبعد أن هدأ الظالم، وذهبت ثورته، بعد أن استراح لنتيجة حتمية محصلتها تحطيم أعصاب امرأته، كشف النقاب عن سبب ثورته الواهن، لو توقف دقيقة فقط يسأل بمنطقية، ويسمع إجابات حقيقية لأسئلة ملتبسة لحقق نتائج مغايرة.

لكنه اختار الصمت ليهدأ، وهي تحترق، تطالك ألسنة اللهب المتطاير حين تترك امرأتك تشتعل غضبا، ووحدها تهدأ من نفسها، تداوي جراحها بعيدا عنك.

لا تستخف بعقل وقلب من حين غضبت أمها من سيد الخلق، أقسمت برب إبراهيم، وابتلع غضبها في لحظة فارقة كل كلمات الحب والغزل لزوجها، امتص سنوات من الدعوة والشفاء قلوب الرجال لا تشبه قلوب النساء، وعقول الرجال بالقطع لا تشبه عقول النساء، كلاهما في الحب والعقل لا يلتقيان، لكن في الغضب تتبدل النساء. أقسم وأجزم بأنه في هذه اللحظة إذا عانقها “احتضنها” فقط لهدأت، وربما لن تتذكر لماذا كانت تبكي، ستعتذر عن أخطائه هو، وتتقبل كل شيء.

ثمة مشكل لا ينتبه إليه كثيرون، فمعظم النساء من إسفنج، تستطعن امتصاص الصدمات سريعا، لكن على الرجل أن يتخلّى عن كونه من رخام صلب، يجرح بسهولة دون أن ينكسر، ولا يمتص شيئا.

القليل من الملح يحيي الطعام، القليل  من الملح يضبط مذاق الأشياء، فقط القليل من الملح ربما كان سببا لبقاء بعض العلاقات على طراوتها وحفظها من الجفاف، قليله يحافظ على الحب والنقاء، وكثيره يقتل القلوب ويدق خناجر الإهمال في عيون الأحلام الباثقة على مهل، يذبح مشاعر تستجدي البقاء على أرض الواقع.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: