القادة العرب يستبقون “صفقة القرن” بالتمسك بالمبادرة العربية

القضية الفلسطينية تواجه تحديات خطيرة في ظل انحياز أميركي شبه مطلق لإسرائيل، وهو ما جعلها تسيطر على أشغال القمة العربية، التي انتهت بالتأكيد على التمسك بثوابت حل القضية التي تضمنتها المبادرة العربية.

تصدرت القضية الفلسطينية أشغال القمة العربية التي عقدت في تونس، الأحد، وسط إجماع من القادة العرب على تمسكهم بأسس السلام القائمة على دولة فلسطينية على أراضي 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتي كرستها المبادرة العربية التي طرحها العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز في العام 2002.

وتقول أوساط سياسية عربية إن رسالة الزعماء العرب مهمة جدا من حيث توقيتها، في ظل توقعات بقرب إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة سلام لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي والمعروفة بـ”صفقة القرن”.

وحذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته الأحد خلال الدورة الثلاثين للقمة العربية من أن الآتي أصعب وأخطر من قبل الإدارة الأميركية، عقب قرارها بشأن الجولان السوري المحتل. وقال “قريبا سيأتي حديث من الإدارة الأميركية عن دولة في قطاع غزة، وضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة لإسرائيل”.

وحمّل عباس الإدارة الأميركية المسؤولية الأولى عن دعم إسرائيل في انتهاك حقوق الفلسطينيين. وأشار إلى أن “تصرف إسرائيل كدولة فوق القانون ما كان ليحصل لولا دعم الإدارة الأميركية، وهي التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل. هي السبب الأول والأخير”.

واتهم الرئيس الفلسطيني البيت الأبيض بإنهاء حل الدولتين وإسقاط صفة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية. وقال “من وجهة نظر الولايات المتحدة فإن إسرائيل لم تحتل فلسطين، وحرب 1967 لم تحصل مطلقا”. وحذر عباس من استمرار إسرائيل في تدمير حل الدولتين وأن هذا الأمر سيدفع الجانب الفلسطيني إلى اتخاذ قرارات مصيرية.

وأكد عباس أن “ما قامت به الإدارة الأميركية الحالية بقراراتها يمثل نسفا لمبادرة السلام العربية وتغيّرا جذريا في مواقف الإدارات الأميركية المتعاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبذلك أنهت ما تبقى لها من دور في طرح خطة سلام أو القيام بدور وسيط في عملية السلام”.

وجدد التأكيد على أنه “لا يمكن أن نقبل خطة سلام لا تحترم أسس ومرجعيات عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية وصولا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق الحرية والاستقلال”.

وتشير الترجيحات إلى أن إعلان الإدارة الأميركية عن خطة السلام الموعودة سيتم بعيد الانتخابات الإسرائيلية العامة المقرر إجراؤها في 9 أبريل المقبل، وتلفت الأوساط إلى أن قرار إعلان الجولان السوري المحتل منذ 1967 أرضا إسرائيلية، يمهد لهذه الخطوة.

الآتي أصعب وأخطر
الآتي أصعب وأخطر

ويتخوف الفلسطينيون من البنود التي ستتضمنها الخطة، وقد أعلنوا مرارا رفضهم للتفاوض بشأنها، مصرّين على ضرورة توسيع مظلة رعاة السلام لتشمل دولا غير الولايات المتحدة، بيد أنه حتى اللحظة لا يبدو أن هناك دولا غربية وازنة تطمح إلى لعب هذا الدور بالرغم من الإعلان المتكرر للاتحاد الأوروبي وروسيا عن تمسكهما بالقرارات الأممية في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

ويرى الفلسطينيون كما العرب أن مبادرة السلام العربية هي النموذج المثالي لإرساء السلام في الشرق الأوسط، وهو ما أكد عليه البيان الختامي للقمة. وشدد البيان على “مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين”.

وأكد على “أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي تجسده مبادرة السلام العربية التي تبنتها جميع الدول العربية في قمة بيروت في العام 2002 ودعمتها منظمة التعاون الإسلامي، والتي لا تزال تشكل الخطة الأكثر شمولية لمعالجة جميع قضايا الوضع النهائي وفي مقدمتها قضية اللاجئين التي توفر الأمن والقبول والسلام لإسرائيل مع جميع الدول العربية، ونؤكد على التزامنا بالمبادرة وعلى تمسكنا بجميع بنودها”.

وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قد أوضح في كلمته في افتتاح القمة “ستظل القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات المملكة حتى يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استنادا إلى القرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية”.

من جهته شدد الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، على “تسوية القضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على مبدأ حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية”.

وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أنه لا أمن ولا استقرار في المنطقة دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، مشددا على أن الأردن مستمر بدوره التاريخي في حماية القدس والدفاع عنها وتثير الخطة الأميركية قلقا كبيرا في الأردن بالنظر لتداعياتها المباشرة عليه، سواء في ما يتعلق برعايته للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي تكرّست في اتفاق وادي عربة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: