منصة إلكترونية مغربية لإيصال الدعم الحكومي لمستحقيه فقط

دخلت الحكومة المغربية معركة لإعادة هيكلة الدعم الحكومي لضمان وصوله إلى مستحقيه عبر استخدام منصة إلكترونية تجمع كافة الفئات الاجتماعية، في مسعى لترشيد الإنفاق وتعزيز مناخ الاستثمار وتحسين تصنيفات البلاد في مؤشرات مكافحة الفساد.

أكدت الحكومة المغربية أنها عاقدة العزم على إعادة هيكلة منظومة الدعم لمعالجة الآثار السلبية المترتبة عن هذا البند في الميزانية، مع تعزيز البيئة الاستثمارية وسبل مكافحة الفساد.

وقال لحسن الداودي الوزير المغربي المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة في مقابلة مع وكالة الأناضول إن استقرار بلاده “يتطلب أن تأخذ الحكومة من الأغنياء وتعطي للفقراء”.

وأضاف “للأسف برامج الدعم الاجتماعي لا يستفيد منها الفقراء، ولا يزال الأغنياء يستفيدون من دعم الدولة لعدد من المواد الاستهلاكية أكثر مما يستفيد الفقراء، ويجب أن نضع حدا لهذا”.

وتسعى الحكومة إلى دعم الشرائح الأكثر احتياجا عبر السجل الاجتماعي الموحد لتفادي العيوب، التي اعترت برامج الدعم السابقة وإصلاحها بالطرق الصحيحة.

لحسن الداودي: لا بد من توزيع عادل للثروات وتوجيه الدعم الاجتماعي بالشكل الصحيح
لحسن الداودي: لا بد من توزيع عادل للثروات وتوجيه الدعم الاجتماعي بالشكل الصحيح

وأوضح الوزير أن ثروات البلاد لكل المغاربة، وليست لفئة معينة، ولا بد من توزيع عادل لها، وتوجيه صحيح للدعم الاجتماعي.

ومن المنتظر أن تشرع الحكومة في اعتماد السجل الاجتماعي الموحد الذي صادقت عليه نهاية الشهر الماضي، ويتعلق الأمر بإحصاء جميع المواطنين من أجل تحديد نسبة الفقراء منهم من أجل تقديم الدعم لهم.

ويشير إحصاء رسمي صادر في 2017، إلى أن عدد الفقراء بلغ 2.8 مليون نسمة، معظمهم في الريف، من بين 35 مليونا هم تعداد سكان المغرب.

وسيتم إطلاق سجل إلكتروني شامل بحيث سيصبح لكل مواطن أو مقيم معرف رقمي مدني يتم من خلاله التعرف على وضعيته الاجتماعية.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أعلن في خطابه نهاية يوليو الماضي، بمناسبة الذكرى الـ19 لتربعه على العرش، عن تأسيس السجل الاجتماعي الموحد، لتحسين مردودية البرامج الاجتماعية تدريجيا، وعلى المدى القريب والمتوسط.

وقال الملك محمد السادس آنذاك إن “السجل هو عبارة عن نظام وطني لتسجيل الأسر، قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، على أن يتم تحديد تلك التي تستحق ذلك فعلا عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، وباستعمال التكنولوجيا الحديثة”.

وتقر السلطات بأن البرامج السابقة لم تأت بنتائج ملموسة. وقال الداودي إن “البرامج الحالية لا يستفيد منها الفقراء، لذلك سنضع حدا لهذا المشكلة، وسنعجل بإخراج السجل الاجتماعي، دون أن نلتفت للحسابات السياسية”.

وتعكف الحكومة حاليا على استكمال إصلاح صندوق المقاصة المخصص لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية، من خلال رفع الدعم عن باقي المواد الاستهلاكية وتشمل السكر وأسطوانات الغاز والدقيق.

وأكد الداودي أن تاريخ تنفيذ ذلك غير محدد حتى الآن لأن الأمر مرتبط بدخول السجل الاجتماعي حيز التنفيذ، مشيرا إلى أن البيانات الرسمية تؤكد أن الأغنياء يستهلكون عددا أكبر من أسطوانات الغاز، كما تستخدم في الأنشطة الفلاحية، بينما يجب أن يذهب الدعم للفقراء أولا.

وبعد أن قررت الحكومة في شتنبر 2013 عكس أسعار الوقود دوليا على الأسعار داخليا، وذلك بشكل جزئي أو ما يطلق عليه المقايسة، ألغت الدعم عن هذا البند بعد عامين باستثناء غاز الطبخ.

وحتى تدعم النمو الاقتصادي بشكل أكبر، تعمل الحكومة على ملف مكافحة الفساد بكل الطرق المتاحة لتحسين مؤشرات المغرب في التصنيفات الدولية.

واعتبر الوزير أن الإحساس بالفساد هو أكبر مؤشر على مدى تواجده بالبلاد. وقال إنه “يمكن أن ينتشر الفساد بالبلد بشكل أكبر، لكن لن يشعر به المواطن، والمغرب تحسن في المؤشر الدولي لمكافحة الفساد”.

وحقق المغرب تقدما بثلاث نقاط في مؤشر إدراك الرشوة لعام 2018، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، حيث جاء في المركز 40 عالميا، وبذلك تقدمت الدولة في الترتيب العالمي في مؤشر مكافحة الفساد بثماني درجات.

2.8 مليون مغربي تعداد الطبقة الفقيرة في المغرب من أصل عدد السكان البالغ 35 مليون نسمة

وأرجع الداودي ذلك التحسن على خلفية اتخاذ عدة إجراءات، من بينها إصدار قانون الحصول على المعلومات، مشددا على أن الحكومة لديها رغبة كبيرة في محاربة الفساد، و”نتمنى أن يشعر المواطن بما نقوم به في هذا المجال، وأن يكون الواقع أحسن من الإحساس”.

وفي ما يتعلق بموضوع تعزيز تنافسية الاقتصاد المغربي، قال الداودي “نحن الدولة الأولى حاليا في جذب الاستثمارات في إفريقيا”.

وتابع “نهدف أن تؤدي محاربة آفة الفساد، إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد المحلي، إذ يكلف الفساد البلد 2 بالمئة من النمو سنويا”.

وتقدم المغرب بنقطتين في مؤشر التنافسية العالمي لسنة 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس)، كما انتقل البلد من المرتبة 77 التي احتلها سنة 2017، إلى المرتبة 75 من أصل 140 دولة شملها التقرير الدولي.

ويجمع محللون على أن الاستقرار السياسي والاجتماعي في المغرب شكل حجر الزاوية في القفزات المتتالية، التي حققها النمو في السنوات الأخيرة رغم التحديات التي تواجه برنامج الإصلاح الاقتصادي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: