تمديد ولاية “مينورسو”.. هل يسرّع الحل لنزاع الصحراء؟

اعتمد مجلس الأمن الدولي نهاية أكتوبر الماضي، قراراً بتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة “مينورسو” في إقليم الصحراء المتنازع عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو، لستة أشهر أخرى، تنتهي في 30 أبريل 2019.

التمديد جاء قبل اجتماع مقرر لأطراف النزاع في جنيف، الشهر المقبل، مما يطرح تساؤلات بشأن أفق حل للصراع، لا سيما وأنها المرة الثانية التي يتم فيها التمديد للبعثة ستة أشهر بدلاً من عام.

خبير مغربي اعتبر أن التمديد يمثّل وسيلة ضغط دولية على الأطراف المعنية، فيما رأى آخر أن الحل هو تجاوز الهوة بين محور المغرب- الجزائر، بغض النظر عن التحسن الملحوظ في محور المغرب- موريتانيا.

النزاع حول الصحراء بدأ عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده بالمنطقة، ليتحوّل إلى مواجهة مسلحة بين المغرب وجبهة “البوليساريو” توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.

تصر الرباط على أحقيتها في الإقليم، وتقترح حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تطالب “البوليساريو” باستفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تأوي عشرات الآلاف من اللاجئين من الإقليم.

وطالب قرار مجلس الأمن الأخير، الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية، كلاً من المغرب و”البوليساريو” بـ”ضرورة إحراز تقدم نحو التوصل إلى حل سياسي واقعي عملي ودائم لمسألة الصحراء على أساس من التوافق”.

ودعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالصحراء، الألماني هورست كوهلر، نهاية شتنبر الماضي، أطراف النزاع إلى جنيف، يومي 4 و5 دجنبر المقبل، لبحث قضية الصحراء.

وأبدى كل من المغرب و”البوليساريو” (طرفا النزاع)، إلى جانب الجزائر وموريتانيا (مراقبين)، موافقتهم الصريحة على المشاركة في اللقاء.

وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب و”البوليساريو” إلى عام 2008، ولم يحدث شيء يذكر منذ ذلك التاريخ.

وسيلة ضغط

سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي (خاصة)، اعتبر أن “تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لستة أشهر، هي وسيلة ضغط على أطراف النزاع في الصحراء، للبحث عن حلول للمشكل الذي عمّر طويلاً”.

وأضاف الصديقي، أن “قضية الصحراء معقدة ولا تخضع لنوايا الدول أو رغبة المبعوث الأممي فقط، وإنما ترتبط أساساً بالعلاقات المغربية – الجزائرية، التي تتسم بالشك وعدم الثقة، ونوع من التنافس الإقليمي”.

وتابع أن “أي محاولة أو مبادرة للحل دون إعادة الثقة للعلاقات بين البلدين (الجزائر والمغرب) سيكون مآلها الفشل، حتى إن اتسمت العلاقات بين الرباط ونواكشوط بالتقارب”.

وحل الدفء على العلاقات المغربية – الموريتانية مؤخراً، خاصة بعد استقبال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، مطلع نونبر الجاري، وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، حاملاً رسالة من الملك محمد السادس.

وقال بوريطة في تصريح صحافي عقب استقباله في نواكشوط: “على المستوى الثنائي هناك رغبة مشتركة في خلق حركية قوية في العلاقات الثنائية المغربية الموريتانية على كل المستويات”.

بينما وصف العاهل المغربي، خلال خطاب في 6 نوفمبر الجاري، وضع علاقات المغرب مع جارته الجزائر بأنه “غير طبيعي وغير مقبول”، واقترح تشكيل لجنة مشتركة لبحث الملفات الخلافية، على أمل تطبيع العلاقات.

وأعرب الملك عن استعداد الرباط لـ”الحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، لتجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين”.

ورحبت نواكشوط بدعوة العاهل المغربي، إذ قال المتحدث باسم حكومتها، سيدي محمد ولد محمد، إن موريتانيا “تشجع وتتمنى التوفيق لأي مبادرة من شأنها أن تضمن استقرار المنطقة وأمنها وحسن الجوار”.

بينما ما تزال السلطات في الجزائر تلتزم الصمت.

ورأى الصديقي أن “التقارب بين محور الرباط ونواكشوط لن يفضي إلى حل للنزاع في إقليم الصحراء، مع استمرار الهوة بين محور الجزائر والرباط”.

وذهب إلى أن “الوضع الحالي في المنطقة المغاربية لا يسمح بتاتاً بإنجاح أي مبادرة أو محاولة لحسم النزاع”.

 

الحل في الحوار

مؤيداً ما ذهب إليه الصديقي، شدّد سلمان بونعمان، الكاتب والباحث المغربي في العلاقات الدولية، على ضرورة بدء حوار مباشر بين المغرب والجزائر.

وقال بونعمان، إن “الاقتناع الحاصل بضرورة فتح الحوار المباشر مع الجزائر، والدخول معها في مصالحة سياسية شاملة وتطوير العلاقات المغربية الجزائرية، هو مفتاح أساسي لحل مشكلة الصحراء”.

وأضاف أن “نجاح هذا الخيار سيقوّي فرص إنهاء المشكلة ضمن إطار مغربي إفريقي متكامل وتوافقي يستحضر المشترك الوطني والديني والتاريخي والثقافي بين المغرب والجزائر، وكذا أهمية تطوير المصالح الاقتصادية والسياسية للبلدين”.

ورأى بونعمان، أن “التقارب المغربي الموريتاني ينبغي أن يوازيه تطور في محور الرباط الجزائر، حتى يمكن الانتقال إلى طور جديد في تدبير النزاع في إقليم الصحراء”.

وأردف أن “الآلية التي اقترحها العاهل المغربي على الجزائر (تشكيل لجنة مشتركة) تمثل وعياً استراتيجياً قائماً على المصارحة والمصالحة والتعاون والتكامل”.

وختم بالقول إن هذه الآلية هي “المدخل السليم لحل القضايا العالقة، وفي مقدمتها النزاع بإقليم الصحراء”.

وأقدمت الجزائر عام 1994، على غلق حدودها البرية مع المغرب إثر تحميل الرباط لها مسؤولية هجمات إرهابية استهدفت سياحاً إسبان في مراكش، وفرض تأشيرة دخول مسبقة على الجزائريين.

ورفضت السلطات الجزائرية عدة دعوات سابقة من نظيرتها المغربية لفتح الحدود، وكان المسؤولون يردون في كل مرة أن فتحها مرهون بثلاثة شروط.

وحصر بيان للخارجية الجزائرية، صدر منتصف 2013 هذه الشروط، في “وقف حملة التشويه التي تقودها الدوائر المغربية الرسمية وغير الرسمية ضد الجزائر، والتعاون الصادق والفعال والمثمر لوقف تدفق المخدرات والتهريب السري، واحترام موقف الحكومة الجزائرية فيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية التي نعتبرها مسألة إنهاء الاستعمار وإيجاد تسوية وفقا للقانون الدولي في الأمم المتحدة”.

وتقول الجزائر في كل مرة، إنها تدعم إجراء استفتاء أممي لتقرير مصير الإقليم خاصة وأنها تؤوي اللاجئين الفارين منه بعد سيطرة الرباط عليه إثر انتهاء الاحتلال الإسباني في 1975.

وظل ملف إقليم الصحراء أبرز أسباب توتر العلاقات بين الجزائر والمغرب، رغم ذلك فإن التبادل التجاري بين البلدين يعد الأكبر مقارنة ببقية شركائهم من الدول الإفريقية الأخرى.

واحتلت الجزائر الرتبة الأولى في لائحة أهم شركاء المغرب على مستوى الواردات، حيث يستورد المغرب 35 في المئة من بضائعه الإفريقية انطلاقاً من التراب الجزائري، ويصدر لها 9 في المئة من صادراته الإفريقية (الثانية إفريقيا من حيث الصادرات بعد إثيوبيا 13 في المئة). 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: