المغرب: تسعة متظاهرين أمام النيابة العامة للتحقيق في احتجاجات على مقتل حياة بلقاسم

Oct 02, 2018

 قرر قاضي التحقيق في تطوان متابعة 6 أشخاص مشتبه في ضلوعهم في قضية « الفانتوم » الذي أوقفته فرقة تابعة للبحرية الملكية، الثلاثاء الماضي، باستعمال الرصاص، ما أدى إلى مقتل الشابة حياة بلقاسم وإصابة 3 آخرين في ظل استمرار الاحتجاجات على مقتل الشابة برصاص البحرية المغربية، فيما حمل رئيس الحكومة مافيا التهريب مسؤولية مقتلها.
وتابع قاضي التحقيق هؤلاء الأشخاص بتهم الاتجار بالبشر وتكوين عصابة إجرامية، ويتعلق الأمر بالسائق الإسباني ومساعده وثلاثة وسطاء آخرين، إلى جانب « معاذ.ش » الذي أصيب في الحادث.
وأودع المتهمون سجن تطوان باستثناء معاذ الذي تقرر متابعته في حالة سراح، ولا يزال المصابان الآخران في المستشفى تحت حراسة أمنية مشددة.

إسقاط الجنسية

وخرج طلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مارتيل/ تطوان في احتجاجات على مقتل زميلتهم حياة بلقاسم رافعين صورًا وشعارات تضامنية، مع «شهيدة الهجرة» ومطالبين بـ»حق الشهيدة» ومحاسبة المسؤولين عن إصابتها وسط البحر.
وكات الراحلة حياة بلقاسم قد حصلت على الإجازة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة مارتيل، قبل أن تقرر الهجرة بطريقة سرية إلى إسبانيا عبر «فانتوم» لشبكات التهجير شمال المملكة.
وأدت وفاة الراحلة حياة بلقاسم إلى خروج تظاهرات في مدينة تطوان، رفع من خلالها المحتجون علم إسبانيا، ما أدى إلى اعتقال عدد من المحتجين وعرضهم أمام النيابة العامة حيث تم، أمس الإثنين، تقديم 9 أشخاص، من بينهم ستة قاصرين أمام النيابة العامة، وذلك للتحقيق معهم حول أحداث الشغب والفوضى التي عرفتها مدينة تطوان الجمعة الماضية عقب انتهاء مباراة لكرة القدم شهدت نهايتها من الفوضى وإثارة الشغب والتخريب، فيما ردد البعض شعارات تطالب بإسقاط الجنسية، وتطالب بالكشف عن «قتلة» الطالبة حياة بلقاسم، وبادر المحتجون إلى تخريب الأغراس الموجودة في جنبات الطريق، ورمي الحواجز الحديدية وسط الطرقات، كما تم إلحاق خسائر بسيارة أحد المواطنين التي كانت مركونة جانب الرصيف.
وتم توقيف أكثر من عشرة أشخاص على خلفية تلك الأحداث، معظمهم قاصرون، إلا أن الأمن احتفظ فقط بتسعة منهم، ممن رصدتهم الكاميرات أو ممن تم توقيفه متلبسًا بإحداث الشغب. واستدعت الشرطة عددًا من أفراد «الألتراس» للاستماع إليهم وتوبيخهم على أحداث الشغب التي وقعت، وعدم امتثال مجموعة من المشجعين لتوجيهات رجال الأمن الذين حرصوا على سلامة المواطنين والممتلكات العامة.
وجدد رئيس الحكومة المغربية الدكتور سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تأكيده أن القاتل الحقيقي للطالبة التطوانية حياة بلقاسم التي قتلت برصاص البحرية الملكية لسواحل المضيق، هي شبكات التهريب وليس القوات البحرية. وأضاف العثماني في تجمع لنساء حزبه، مساء أول أمس الأحد بطنجة، أن الكل تألم لوفاة حياة، مشددًا على أن الحكومة لا تريد الأذى لأي مغربي.
وقال إن شبكات التهريب «التي قتلت حياة تصنع الوهم للناس، لأن التهريب بكل أنواعه من تهريب المخدرات والسلاح والبشر، يدمر الاقتصاد والوطن»، داعًيا المغاربة إلى التعاون مع السلطات لمحاربة هذه الشبكات، وقال إن النيابة العامة فتحت تحقيقًا لتحديد المسؤوليات في الحادثة، «البحرية الملكية لم تستهدف حياة، لأن المهربين كانوا يخبئون المهاجرين داخل الزورق».
وقالت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية والمساواة، إن «قضية حياة أصبحت اليوم عنوانًا لوضعية فئة من النساء والشباب الذين يهاجرون»، وأن حياة «في وضعية الطالبة الجامعية التي كان من الممكن أن تكمل دراستها وتتلمس طريقها نحو الشغل وتندمج في مجتمعها تنفع بعلمها وتنتفع من وطنها». وأضافت أن الأقدار شاءت أن تتلقفها أيد وسط الطريق قطعت عليها الطريق وكان ما كان».
وأوضحت أن هناك «تحقيقًا وتدقيقًا فيما وقع بالضبط، حتى يتجلى الأمر لتوفير المعطيات الضرورية من أجل اعتمادها قصد أخذ المبادرات الضرورة والإجراءات المناسبة في الموضوع»، وإن تحميل المسؤولية لشبكات التهريب لا يعني عدم وجود ظروف اقتصادية واجتماعية تحفز ضحايا تلك الشبكات.
وشددت الوزبر المغربية على ضرورة اعتماد مقاربات شاملة تأخذ بعين الاعتبار الوضعيات الاقتصادية والاجتماعية، مع إجراءات ردع شبكات تهريب البشر والمخدرات والسلاح، وإن «الهجرة بكل أبعادها في صلب اهتمام الحكومة، واليوم مع هذه النازلة نحتاج لتطوير آليات تطويق الظاهرة وتوفير الإمكانيات اللازمة للوقاية من الوقوع في هذا التمظهر من الهجرة».
وتتواصل محاولات شبان مغاربة للوصول سرًا إلى الضفة الشمالية للبحر المتوسط، وقالت أجهزة الإنقاذ البحري في إسبانيا، أول أمس الأحد، إنها أنقذت 675 مهاجرًا خلال عطلة نهاية الأسبوع، وإن نصفهم من المغرب، والنصف الآخر من إفريقيا جنوب الصحراء، بالإضافة إلى 7 أطفال، فيما لم تبلغ أجهزة الإنقاذ عن وجود مفقودين.

شكوى

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن متحدث إسباني الأحد تم إنقاذ 270 كانوا على متن سبعة زوارق، فيما تم إنقاذ 405 مهاجرين يوم السبت الماضي.
وقالت المنطمة الدولية للهجرة إن أكثر من 40 ألف مهاجر وصلوا إلى أسبانيا منذ بداية العام الحالي، بينهم نحو 35 ألفًا بحرًا ونحو خمسة آلاف برًا عبر سبتة ومليلية المغربيتين اللتين تحتلهما إسبانيا.
وتشكل هذه الأعداد 40 في المئة من مجمل المهاجرين السريين الذين وصلوا إلى أوروبا والذين يبلغ عددهم نحو مئة ألف، وقضى أو فُقد أكثر من 1700 مهاجر في البحر المتوسط ​​منذ بداية العام، بينهم 362 قبالة سواحل إسبانيا.
ودعت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق في ملابسات مقتل الطالبة الجامعية حياة بلقاسم وإصابة بعض الشباب بعاهات مستديمة ناجمة عن رصاص أطلقته عليهم، يوم الثلاثاء الماضي، البحرية المغربية عندما كانوا على متن المركب الذي كان يستقله مهاجرون في طريقه إلى إسبانيا.
وقررت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان رفع شكاية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ضد الحكومة المغربية بسبب «ممارستها التعسفية وانتهاكاتها المتكررة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية».
وحملت الجمعية، في بلاغ أرسل لـ«القدس العربي»، الحكومة المغربية كامل المسؤولية فيما آلت إليه أوضاع المواطنات والمواطنين من تدهور اجتماعي واقتصادي وثقافي وبيئي، الأمر الذي أدى إلى إجهاض أحلام الشباب المغاربة وعموم المواطنات والمواطنين بغد أفضل وبالحرية والكرامة والعيش اللائق في البلد.
وعبرت الرابطة عن إدانتها القوية لهدم قرابة 2000 سكن صفيحي في 5 أحياء صفيحية في الدار البيضاء من قبل السلطات المحلية، مدعومة بعدد كبير جدًا من قوات الأمن، وقالت إن السكان (الذين خرجوا في احتجاجات يطالبون بالهجرة من المغرب واللجوء إلى إسبانيا) أبانوا عن وعي حقيقي بعدم المواجهة مع السلطات لتفادي مجزرة حقيقية خصوصًا أمام استفزازات رجل السلطة.
وأضاف البلاغ أن مندوبها ومنسقها بالدار البيضاء، حسان الميساوي، أكد في مهمة تقصي وتتبع ميدانية لهذا الملف أن السلطات المغربية نفذت عملية الإخلاء القسري دون مراعاة الظروف الإنسانية المأساوية لساكنتها، ودون إعادة إسكانهم في مكان تتوفر فيه شروط العيش الكريم ولا سيما وأن مكان الإيواء لا تتوفر فيه شروط الصحة والسلامة لقربه من مطرح النفايات، بعيدًا عن مصدر القوت اليومي وعن المؤسسات التعليمية، ما سيشكل عاملًا مهمًا لحرمان الأطفال من التمدرس وارتفاع الهدر المدرسي، ما يجعل الأغلبية الساحقة من الساكنة غير قادرة على الاستقرار لكونها تصنف في وضعية اجتماعية هشة لا تمكنها من الاستفادة من بناء هذه البقع، في الوقت الذي يستمر الفساد الكبير باستفادة مسؤولين باعوا لأنفسهم بقعًا أرضية، وفيلات لم يتم تسويقها، وغياب للشفافية في الصفقات وتحويلها من مؤسسة عمومية إلى ضيعة خاصة تخدم مصالح لوبيات العقار وكبار الموظفين والمسؤولين.

سياسات فاشلة

وطالبت الرابطة بفتح تحقيق قضائي نزيه حول «مقتل» (ع.ف) يوم الأربعاء الماضي إثر تدخل لقوات السلطة من أجل منع مسيرة احتجاجية، قام بها مواطنون للمطالبة بحقوقهم المشروعة في أراضيهم وقالت إن سياسات الدولة اتسمت بالفشل وتحدثت عن «الإصلاحات الترقيعية للدولة من قبيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وسياسة الإنعاش الوطني، والحديث فقط عن إصلاح صندوق المقاصة وحكومة ضعيفة غير منسجمة وبدون مشروع تنموي واضح الأهداف واستراتيجية فعالة للحد من الفقر والتخفيف منه، واستمرار السلطة التنفيذية والمجالس المنتخبة في تنفيذ قرارات خطيرة (الإخلاء القسري، وإغلاقات) دون أحكام قضائية، ما أفرز إحصائيات وأرقامًا تهم حوالي 38% من الأطفال المغاربة الذين تقل أعمارهم عن17 سنة، ويعانون الفقر في مختلف أبعاده، خاصة المتعلق بالعلاج والتأمين الصحي، و الوصول إلى الماء الصالح للشرب، والسكن، والتربية والتعليم، وخدمات الصرف الصحي. كما أن من 46 في المئة من الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 15 و17 سنة محرومون من الاستفادة من التغطية الصحية، و53 في المئة من الأطفال تحت سن الأربع سنوات محرومون من الخدمة ذاتها، بالإضافة إلى 35,3 في المئة من الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 15 و17 سنة محرومون من التربية والتعليم، و8,4 في المئة من الأطفال بين 13 و14 سنة لم يكملوا تعليمهم الابتدائي. كما أن 60 في المئة من المغاربة يعيشون الفقر والحرمان على مستوى فئتين؛ الأولى تعانيه بشكل حاد، والثانية بشكل متوسط، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: