محمد السادس يحمّل غوتيريش مسؤولياته: الجزائر تقوّض جهود السلام

الملك محمد السادس يضع الأمم المتحدة أمام مسؤولياتها في حفظ السلام والأمن في ظل إصرار جزائري على استفزاز الرباط عبر دعم الجبهة الانفصالية.

مخطط استيطاني
كشف الاتصال الذي أجراه العاهل المغربي الملك محمد السادس مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجدّية التي يتعاطى بها المغرب مع محاولات جبهة البوليساريو فرض واقع جديد في الصحراء المغربية بدعم مباشر من الجزائر التي هي طرف مباشر في قضية الصحراء.

وقالت مصادر سياسية عربية، تراقب عن كثب المحاولات الجزائرية لاستفزاز الرباط، إن المغرب يستغرب خصوصا اللامبالاة التي تظهرها قوات الأمم المتحدة المرابطة في المنطقة العازلة في الصحراء تجاه ما تقوم به البوليساريو على الأرض.

ودفع ذلك رئيس الوزراء المغربي سعدالدين العثماني إلى ملاحظة أنّ “الأمم المتحدة لا تضبط كل التفاصيل التي تجري على الأرض في الإقليم” مؤكدا أن المغرب “يمتلك أدلة” تؤكّد تحركات البوليساريو في المنطقة العازلة.

وأبدت المصادر السياسية تخوفها من الموقف الذي تتخذه الأمم المتحدة بما يشير إلى عدم استيعابها خطورة ما تقوم به البوليساريو على الأمن والاستقرار في المنطقة، وذلك بسعيها إلى نقل مقرات لها من تندوف في الجزائر إلى المنطقة العازلة في الصحراء، خصوصا في بئر لحلو.

وقالت هذه المصادر إن تصرّف الأمم المتحدة يعكس استخفافا بخطورة الموقف وانعكاسه على الاستقرار في منطقة شمال أفريقيا كلّها حيث تبحث الجزائر باستمرار عن افتعال أزمات تسمح لها بالهروب من الأزمة الحقيقية التي هي في داخل الجزائر نفسها.

وأوضحت أن الملك محمّد السادس الذي بعث برسالة إلى غوتيريش نقلها إليه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، كما اتصل هاتفيا بالأمين العام للأمم المتحدة، أراد وضع المنظمة الدولية أمام مسؤولياتها في حفظ السلام والأمن في إحدى المناطق الحساسة من هذا العالم.

وأوضح الملك محمد السادس في رسالته لغوتيريش أن الأعمال التي تقوم بها البوليساريو “تشكل تهديدا لوقف إطلاق النار، وتنتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتقوض بشكل جدي العملية السياسية”.

وحمل العاهل المغربي المسؤولية الكبرى للجزائر التي قال إنها تموّل وتحتضن وتساند وتقدّم دعمها الدبلوماسي للبوليساريو.

وتعمل الدبلوماسية المغربية لإطلاع كافة الدول والمنظمات الدولية على الوضع المتوتر الذي تعيشه المنطقة الجنوبية نتيجة الاستفزازات العسكرية للبوليساريو ومحاولة تغيير وضع ميداني استمر منذ اتفاق إطلاق النار في 1991.

وقال نوفل بوعمري المحامي والمحلل السياسي المهتم بملف الصحراء، إن الرسالة الملكية تأتي في إطار الدبلوماسية الرسمية التي يقودها العاهل المغربي من أجل أن يضع من خلالها الأمين العام للأمم المتحدة في صورة مختلف تطوّرات الوضع الميداني.

وأكد بوعمري في تصريح له  أن الرسالة جاءت في ظل استمرار سلبية الأمم المتحدة في تحمل مسؤوليتها تجاه مختلف الخروقات التي تقوم بها البوليساريو.

20 ألفا من سكان مخيمات تندوف ينقلون قسرا إلى شرق الجدار الأمني

وظل المغرب لسنوات يؤكد على مسؤولية الجزائر في هذا النزاع، والملك محمد السادس كما يرى المحلل السياسي نوفل بوعمري، لا يتوجّه في جل خطاباته للبوليساريو بل يخاطب الجزائر ويحملها المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية تجاه دورها في الملف وعرقلتها لأي جهود أممية تتجه نحو الحل السياسي العادل.

وأشار رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو، إلى مخطط استيطاني سعت الجزائر إلى تنفيذه في المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني بالصحراء المغربية، من خلال نقل حوالي 20 ألفا من سكان مخيمات تندوف إلى هذه الأرجاء بالقوة، مستغلة تقاعس بعثة المينورسو عن القيام بواجبها في مراقبة هذه المنطقة، التي تقع تحت السيادة المغربية.

ولفت محمد بنحمو إلى وجود أصوات من داخل مربع الحكم الجزائري متخوفة من أن يكون حضور الجبهة في تندوف نهائيا في ظل فشل المشروع الانفصالي والهزائم الدبلوماسية التي تكبّدها، ولذلك فهي تسعى إلى أن تتخلص من هذا العبء وتلقي به خلف الحدود في المنطقة العازلة.

وأكد مراقبون أن النجاحات الدبلوماسية المغربية أدخلت قيادات البوليساريو في تخبط وعزلة دبلوماسية واضحة خصوصا مع انخفاض دعم دول كانت تشكل دعامة لمخططها الانفصالي.

وقال سعدالدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، الخميس، إن تقرير غوتيريش حول الصحراء “متوازن ومنصف” للمغرب، مجددا رفض بلاده “القاطع″ لما وصفه بـ”محاولات فرض الأمر الواقع بالمنطقة العازلة، من قبل جبهة البوليساريو”.

وسجل وزير الخارجية ناصر بوريطة بعد لقائه مع غوتيريش، أنه انطلاقا من ذلك “طالب المغرب، ويطالب دوما، بأن تشارك الجزائر في المسلسل السياسي، وأن تتحمل المسؤولية الكاملة في البحث عن الحل”، موردا أنه “بإمكان الجزائر أن تلعب دورا على قدر مسؤوليتها في نشأة وتطور هذا النزاع الإقليمي”.

وأكد رضا الفلاح، أستاذ العلاقات الدولية على تميز موقف المغرب بقدر كبير من التروي وضبط النفس وأنه يحسب للدبلوماسية المغربية تشبثها الفعلي بالديناميكية الجديدة للمسار الأممي، مستدركا أنه أمام خطة الجزائر لتغيير الوضع القانوني للشريط العازل قد يجعل من اتفاقية وقف إطلاق النار اتفاقية منتهية بقوة الأمر الواقع.

ويرى رضا الفلاح أن المسؤولية ملقاة اليوم على مجلس الأمن والقوى الكبرى لمنع تنفيذ هذه الأجندة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: