التآمر السياسي وفشل المشاريع الاستثمارية يقودان الدوحة إلى العزلة

قطر تحصد ثمار التناقضات التي زرعها رئيس الوزراء السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في سياستها الخارجية التي تسير عكس تيار المنطقة الخليجية والعربية.

بعد تولي الشيخ تميم السلطة في قطر في 25 يونيو 2013، ورغم أن خطابه الذي ألقاه في اليوم التالي مباشرة لم يتضمن جديدا على صعيد السياسة الخارجية، سادت توقعات بشأن وجود رؤية خاصة لدى الأمير الشاب في التعامل مع عدد من ملفات وقضايا السياسة الخارجية تقضي على حالة التوتر التي شابت علاقات بلاده بأغلب دول المنطقة، لكن الأداء الفعلي على أرض الواقع لم يعكس ذلك. سار الشيخ تميم على نفس الدرب الذي سار عليه والده الشيخ حمد بن خليفة آل الثاني والذي سطر ملامحه الرئيسية وزير خارجيته الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني؛ والعلاقات الباردة التي ظلت تُميز تواصل قطر مع جيرانها من دول الخليج، في عهد الشيخ حمد تحولت في عهد الشيخ تميم إلى “قطيعة”.

لم يأت الشيخ تميم بمقاربات تختلف من حيث المضمون والجوهر عن سياسة والده الشيخ حمد، الذي تنازل طواعية عن الحكم لابنه. فالشيخ تميم شغل، منذ كان وليا للعهد، العديد من المناصب المهمة والحساسة، مما يعني أنه لم يكن بعيدا عن عملية صنع القرار القطري خلال تلك الفترة، بل كان مشاركا فيها. وعدم حدوث تحولات حقيقية في السياسة الخارجية القطرية منذ توليه الحكم، يعكس قناعته بالسير على نهج “إدارة الحمدين” (الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة، ورئيس الوزراء وزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم).

لم تكد تترسخ أقدام الأمير تميم في الحكم، حتى اندلعت أزمة السفراء في شهر مارس 2014 حين سحبت كل من البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة سفراءها من الدوحة بسبب عدم التزام قطر بمقررات مجلس التعاون الخليجي ووثيقة الرياض، وهي اتفاق أبرم في العاصمة السعودية في 23 نوفمبر 2013، ووقّعه أمير قطر الشيخ تميم بحضور الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، وعاهل السعودية الملك عبدالله بن عبد العزيز، ويقضي بـ“الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر”.

بعد تسعة أشهر، عاد السفراء إلى الدوحة، لكن قطر لم تلتزم باتفاقها وظلت متمسّكة بسياستها التي تسير عكس تيار المنطقة الخليجية والعربية، بل وتشكل تهديدا على أمنها القومي بدعمها لتيارات الإسلام السياسي وأجندة إيران، ما كان سببا في نفاد صبر السعودية والإمارات والبحرين ومصر واليمن التي أقدمت في 5 يونيو 2017 على قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وسحب بعثتها الدبلوماسية من الدوحة؛ وانضمت أيضا ليبيا وجرز الماليدف لقائمة المقاطعين؛ كما أعلن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن إنهاء مشاركة قطر فيه.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن الرياض “قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية مع قطر” من أجل “حماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف”.

ويأتي قطع العلاقات بعد 15 يوما على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض ودعوته الدول الإسلامية إلى بذل جهود أكبر لمكافحة والإرهاب وحملته على إيران التي اتهمها السعودية ودول أخرى في مجلس التعاون الخليجي، بدعم مجموعات إرهابية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: