الرئاسة الجزائرية تلاحق الأخبار الكاذبة التي تخص عبدالمجيد تبون
تنبيه جديد أصدرته الرئاسة الجزائرية بشأن نشر أخبار كاذبة تتعلق بالرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، يظهر تشددا كبيرا في نشر المعلومات ما يفتح الباب على مصراعيه لنشر الشائعات.
جددت الرئاسة الجزائرية تحذيرها من نشر أخبار غير رسمية حول نشاط الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وتوعدت باعتبارها أخبارا كاذبة ومغلوطة.
وقالت الرئاسة الجزائرية في بيانها إن “المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تذكّر بمضمون البيان الذي أصدرته سابقا بخصوص حصرية المعلومات الرسمية على البيانات التي توزع من رئاسة الجمهورية عبر المديرية العامة للاتصال”.
وأضاف البيان أنها “وبعد ما لاحظت تراخيا في تنفيذه، من خلال نشر وتداول أخبار، تزعم أنها تتعلق بنشاطات رسمية، فإن المديرية العامة للاتصال تدعو مجددا إلى الالتزام الصارم بقوانين الجمهورية وأخلاقيات المهنة”، متوعدة بأن “أي اعتماد على مصادر أخرى، في ما يتعلق بالنشاط الرئاسي، يصنف دعاية وأخبارا مغلوطة، يتحمل صاحبها ما يترتب عليها من مسؤولية”.
ويأتي التنبيه بعد انتشار واسع لمقطع فيديو لتبون “يظهر تعاطفه وتضامنه مع الجالية الجزائرية في فرنسا”، تزامنا مع حالة الفوضى والاضطرابات التي شهدتها فرنسا في أعقاب مقتل الشاب نائل صاحب الأصول الجزائرية على يد قوات الشرطة.
الوصاية على الإعلام الجزائري اتخذت أشكالا متعددة في الجزائر مع تداخل العوامل الاقتصادية والسياسية
وفي مقطع الفيديو، الذي حقّق رواجا كبيرا على موقع تويتر، ظهر الرئيس الجزائري وهو يلقي كلمة أمام مجموعة من الصحافيين. وقال تبون في مقطع الفيديو المتداول، مخاطبا الجزائريين في المهجر “لقد تآمر عليكم الخونة ورموا إخوانكم في نهر السين.. اليوم يحاولون القيام بنفس الشيء معكم”، مؤكدا أنّ الجزائر لن تتخلّى عنهم.
وحظي الفيديو بآلاف التفاعلات، وصدّق مستخدمون في التعليقات أنه لخطاب جديد. وبين التحقق من صحة الفيديو، أنه لا علاقة له بحادثة الشاب نائل، لكنه يعود إلى حديث للرئيس الجزائري أدلى به في 2019، ما ينفي أن تكون له علاقة بحادثة الشاب نائل.
وفي الفيديو الأصلي، كان تبون يتحدث أثناء إدلائه بصوته في الانتخابات الرئاسيّة التي ترشح لها آنذاك.
وتصدر السلطات الجزائرية في كل مرة تنبيها وتحذيرا لمروجي الإشاعات.
ويتوعد الرئيس الجزائري كل مرة بالبحث والكشف عن هوية ناشري الأخبار الكاذبة والمضللة الذين “يمتهنون زرع البلبلة وإبقاء المواطنين في حالة قلق ورعب”.
وأُدخلت تغييرات على القانون في الجزائر، حيث اعتمد البرلمان في الثاني والعشرين من أبريل 2020 تعديلات على قانون العقوبات، مضيفا مادة تعاقب أي شخص ينشر “أخبارا كاذبة” تهدف إلى “المساس بالأمن العمومي” بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، ودفع غرامات تصل إلى 300.000 دينار جزائري (حوالي 2.322 دولار أميركي).
وسبق أن لوّحت الرئاسة الجزائرية بعقوبات قد تطاول وسائل إعلام تنقل معلومات عن نشاطاتها عبر مصادر غير مصادرها الرسمية.
وحذرت من أن عدم تقيّد وسائل الإعلام الوطنية الخاصة ومختلف منصات الاتصال بنشر المعلومات الرسمية الصادرة عن الرئاسة “يعد إمعانا في نشر الأخبار المضللة والكاذبة، تتحمل الجهة المعنية مسؤوليتها كاملة”.
وكانت الرئاسة الجزائرية أصدرت بيانا نصحت فيه وسائل الإعلام بنقل نشاطات الرئيس عن وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
وعرفت الجزائر في السنوات الأخيرة، تسيبا لافتا في تسريب المعلومات وحتى الملفات، حيث كانت وسائل إعلام مقربة من دوائر القرار، تحوز دائما حصرية المعلومة قبل أن يتم الإعلان عنها بصفة رسمية، وكثيرا ما كانت مصدرا للمعنيين، الأمر الذي أفضى إلى حالة من الفوضى وهشاشة المؤسسات.
ويعتقد خبراء أن حالة إفشاء أسرار الدولة التي خيمت على البلاد، هي نتيجة طبيعية للصراعات والتجاذبات القائمة بين أجنحة السلطة والمؤسسات، فكل جهة تعمد إلى الاستعانة بموالين لها في وسائل الإعلام والأحزاب والناشطين والمدونين لتزويدها بمختلف المعلومات والملفات من أجل ضرب خصومها، فقد كانت التسريبات في الغالب تتصل بممارسات وقرارات داخلية وتوازنات، ولا علاقة لها بإعلام منظم للجمهور.
لكن الوكالة الرسمية الجزائرية أكدت على ما أسمته بعودة الانضباط والالتزام داخل مؤسسة الرئاسة، بـ”الإعلان عن التعيينات التي يقرها رئيس الجمهورية، حيث لم تعد المعلومات تتسرب قبل نشر بيان رئاسة الجمهورية، فاليوم لا تجرؤ أي وسيلة إعلام على التكهن بأسماء المغادرين أو الوافدين”.
ويقول متابعون إن الوصاية على الإعلام اتخذت أشكالا متعددة في الجزائر مع تداخل العوامل الاقتصادية والسياسية، إذ انضمت تداعيات الأزمة الاقتصادية على القطاع إلى الضغوط السياسية لتساهم في تكميم المؤسسات الصحفية والأقلام الناقدة للسلطة، لذلك بات من الصعب أن يصل المواطن إلى الحقائق والمعلومة الصحيحة وأصبحت مواقع التواصل في البلاد تغص بالشائعات على حساب الحقائق.
ويتأسف ناشطون اليوم على حقبة الانفتاح في تسعينات القرن الماضي حين كانت الصحف تتحدى السلطة بمواقفها ومضامينها، رغم حساسية الوضع السياسي والأمني للبلاد آنذاك، واستطاعت بذلك أن تحفظ لنفسها ولو نسبيا مكانتها داخل المجتمع كسلطة رابعة.
الجزائر عرفت في السنوات الأخيرة، تسيبا لافتا في تسريب المعلومات، حيث كانت وسائل إعلام مقربة من دوائر القرار تحوز دائما حصرية المعلومة قبل أن يتم الإعلان عنها
بات واضحا أن مؤسسة الرئاسة تلوّح بالانتقال إلى عقوبات لم تذكر طبيعتها إن كانت ملاحقات قضائية أو إدارية، ففي المجمل يشكل هذا التعامل أمرا غير مسبوق في التشدد مع المعلومة “المضللة” كما تراها رئاسة الجمهورية.
وأصدرت مؤسسة الرئاسة بيانا يحمل لهجة “تهديد”، جاء فيه “تذكّر رئاسة الجمهورية مرة أخرى، وسائل الإعلام الوطنية الخاصة ومختلف وسائط ومنصات الاتصال، التي لم تلتزم ببيانها، والمتضمن نشر المعلومات الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية، بأن كل الأخبار ذات الطابع البروتوكولي، أو المتعلقة بالعلاقات الدولية في جانبها الخاص بنشاط رئيس الجمهورية، تُستسقى حصرا من مصدرها الرسمي في رئاسة الجمهورية، أو عبر بيانات تُنشر عن طريق وكالة الأنباء الجزائرية”.
وأكدت الرئاسة أن “عدم الالتزام بالبيان المشار إليه آنفا، يعد إخلالا متعمدا بأخلاقيات المهنة وإمعانا في نشر الأخبار المضللة والكاذبة، تتحمل الجهة المعممة لها مسؤوليتها الكاملة”.
وحرص تبون على عملية إعادة هيكلة شاملة لفريق الإعلام في الرئاسة، وذلك تزامنا مع صدور بيان رئاسي سابق يعلن سحب نشر المعلومة الرسمية من وسائل إعلام خاصة كانت قريبة من النظام السابق، في مقابل استعادة وكالة الأنباء الجزائرية لدورها. وبقدر ما كان هذا المعطى محل ترحيب من قبل مسؤولي وسائل إعلام بقدر ما كان أداء الفريق الإعلامي المحيط بالرئيس “محبِطا” في بعض النشاطات البروتوكولية.
وأقال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وزير الاتصال محمد بوسليماني، قبل أسبايع قليلة دون إعطاء أي تفاصيل حول سبب القرار، لكن ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي ربطوه بنشر خبر طرد السفير الإماراتي بالجزائر، الذي كذبته السلطات.