الشرق الأوسط على صفيح ساخن: هل فتحت الضربات الأمريكية الباب أمام حرب إقليمية مفتوحة؟

بوشعيب البازي

في تصعيد غير مسبوق منذ سنوات، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت متأخر من ليلة السبت-الأحد تنفيذ هجوم “ناجح جدًا” استهدف ثلاثة مواقع نووية حساسة في إيران، على رأسها موقع “فوردو” جنوب طهران، وموقعي “نطنز” و”أصفهان”.

الهجوم الجوي، الذي تم تنفيذه بالتنسيق مع إسرائيل، شكّل لحظة مفصلية في العلاقة المتأزمة بين واشنطن وطهران، وأعاد إلى الأذهان سيناريوهات التدخل المباشر التي عرفتها المنطقة في العراق وليبيا وسوريا.

“إيران، زعيم الفوضى في الشرق الأوسط، يجب أن تختار طريق السلام الآن”، قال ترامب في رسالة مقتضبة عبر منصة “تروث سوشيال”، مؤكدًا انسحاب الطائرات الأمريكية من الأجواء الإيرانية بعد إتمام المهمة.

الردّ الإيراني: الصواريخ تطال قلب إسرائيل

لم تتأخر طهران في الردّ، إذ أعلنت القوات المسلحة الإيرانية بدء “الموجة العشرين” من عملية سمتها “الوعد الصادق 3”، مستهدفةً مطار بن غوريون قرب تل أبيب، إلى جانب مراكز أبحاث بيولوجية ومواقع عسكرية ولوجستية إسرائيلية.

الجيش الإيراني أكد استخدام صواريخ بعيدة المدى، بمحركات وقود صلب وسائل، قادرة على إحداث دمار واسع، وهو ما يفتح المجال أمام تصعيد عسكري إقليمي غير مسبوق، خصوصًا في حال دخلت مليشيات حليفة لإيران في العراق وسوريا ولبنان على خط المواجهة.

السفارة الأمريكية في بغداد تُقلّص طاقمها

وفي خطوة تعكس قلق واشنطن من اتساع رقعة النزاع، أعلنت السفارة الأمريكية في بغداد تقليصًا جديدًا لطاقمها، في ظل “تدهور الوضع الإقليمي”، كما جاء في تصريح لمسؤول أمريكي لوكالة الأنباء الفرنسية.

القرار يأتي استكمالًا لعملية إجلاء تدريجي بدأت منذ 12 يونيو، عشية الغارات الإسرائيلية على إيران.

رسائل سياسية من تل أبيب: شكراً لترامب

في تل أبيب، لم تُخف القيادة الإسرائيلية فرحتها بالتدخل الأمريكي. فقد وجه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ شكره لواشنطن، معتبرًا الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية “انتصارًا لقيم الحرية والمسؤولية والأمن”، على حد تعبيره.

هرتسوغ أعرب عن أمله في أن تُسهم هذه الضربات في تسريع عملية تحرير الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، في إشارة إلى الورقة الإنسانية التي باتت مركزية في الخطاب السياسي الإسرائيلي داخليًا وخارجيًا.

تحول استراتيجي أم مقامرة انتخابية؟

يرى مراقبون أن توقيت الهجوم الأمريكي لا يخلو من خلفيات انتخابية، إذ يسعى ترامب إلى إعادة تثبيت صورته كزعيم حازم في السياسة الخارجية، قبيل الاستحقاقات الرئاسية القادمة. لكن التحليل الاستراتيجي الأعمق يذهب إلى أبعد من الحسابات الانتخابية، ويُدرج الضربات ضمن استراتيجية أمريكية-إسرائيلية لكبح البرنامج النووي الإيراني قبل أن يبلغ نقطة اللاعودة.

وفي هذا السياق، يرى البعض أن الغارات الجوية على نطنز وفوردو وأصفهان لا تستهدف فقط البنية النووية، بل تُوجّه أيضًا رسالة ردع لإيران ووكلائها في العراق وسوريا ولبنان، وربما لحلفاء روسيا والصين في المنطقة.

 الشرق الأوسط على حافة الهاوية

ما حدث ليس مجرد ضربة عسكرية محدودة، بل تحول نوعي في قواعد الاشتباك، يُنذر بتغييرات كبرى في المشهد الأمني والسياسي للمنطقة.

بين تهديد الردّ الإيراني واتساع دوائر النار، وبين أهداف واشنطن وتل أبيب في إعادة رسم التوازنات، يبدو أن المنطقة تتجه نحو صيف ساخن ستكون له تداعيات تتجاوز حدود إيران وإسرائيل، لتطال الأمن الإقليمي برمّته، وربما مصالح أوروبا وآسيا كذلك.

فهل هي بداية الحرب المفتوحة، أم مجرد جولة في لعبة عضّ الأصابع؟

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: