ميناء بني أنصار.. قلب نابض لاستقبال مغاربة العالم في عملية “مرحبا 2025”

بوشعيب البازي

مع بداية موسم الصيف وارتفاع وتيرة عودة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، يتحول ميناء بني أنصار بمدينة الناظور إلى نقطة التقاء كبرى بين الوطن وأبنائه الموزعين عبر بقاع العالم. “مرحبا 2025”، التي أطلقت بتوجيهات ملكية سامية، ليست مجرد عملية لوجستية عابرة، بل لحظة وطنية بامتياز، تعكس متانة الروابط بين المغرب وأبنائه بالخارج، وتُجسد رؤية الدولة المغربية في جعل العودة الموسمية تجربة إنسانية وتنظيمية في آن واحد.

منذ انطلاق العملية، شهد الميناء حركة دؤوبة واستعدادات مكثفة، تجسدت في تعزيز الموارد البشرية واللوجستية، وتنسيق الجهود بين الجمارك، الأمن الوطني، مؤسسة محمد الخامس للتضامن، والسلطات المينائية، من أجل استقبال سلس ومُيسر لعشرات الآلاف من الوافدين. شهادات العائدين عبر المحطة البحرية تؤكد هذا المعطى: “الإجراءات كانت سلسة”، “الاستقبال كان حاراً”، “تنظيم جيد رغم كثافة الحركة”… عبارات تتكرر على ألسنة المغاربة العائدين، في مشهد يؤكد أن التراكم المؤسساتي في تنظيم عملية “مرحبا” بدأ يُثمر نموذجاً مغربياً في تدبير الهجرة الموسمية.

ومع ذلك، لا تخلو التجربة من تحديات موضوعية مرتبطة بالكثافة المرورية، أو تفاوت ظروف السفر من موانئ الانطلاق، خصوصاً في ظل تحولات جيوسياسية أوروبية أثّرت على خارطة النقل البحري. لكن هذه الصعوبات، بحسب مصادر ميدانية، تُعالج بشكل استباقي عبر غرف القيادة المشتركة، مما يجعل من عملية “مرحبا” نموذجاً إقليمياً يُحتذى به في مجال تدبير الهجرة الدائرية وتسهيل عبور الجاليات.

الأهم من ذلك، أن هذه العودة السنوية لا تقتصر على البعد التنظيمي، بل تحمل معها شحنة عاطفية عالية، حيث تتحول الأرصفة والموانئ إلى مساحات فرح، لقاءات أسرية، وطقوس عودة تستعيد فيها الجالية علاقتها الحميمية بالوطن. هنا، لا يتعلق الأمر فقط بموسم عطلة، بل بإعادة وصلٍ وجداني، ثقافي واقتصادي بين الضفتين، تلعب فيه مؤسسة محمد الخامس للتضامن دوراً محورياً، ليس فقط في الدعم اللوجستي، بل في تكريس شعور الانتماء والاحتضان.

ومع توقع استمرار تدفق الوافدين على مدى أسابيع، يراهن القائمون على العملية على تعزيز جودة الخدمات، وتأمين عبور آمن ومريح لكل المواطنين، بما يعكس صورة المغرب كبلد لا ينسى أبناءه مهما ابتعدت بهم المسافات. فـ”مرحبا 2025” ليست فقط لحظة استقبال، بل مرآة لرؤية دولة تجعل من إنسانيتها وكرامتها رأسمالاً دبلوماسياً واجتماعياً مستداماً

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: