حينما ينهمك جنرالات الجزائر في رسم حدود “الجمهورية الصحراوية” على خرائط لم تعُد تقنع حتى برامج “غوغل إيرث”، يتسلّل العالم من خلفهم ليُعيد رسم خرائط الجزائر نفسها. نعم، العسكر في الجزائر يُصارعون في ملف الصحراء المغربية كما يصارع الديناصور الانقراض في فيلم وثائقي، بينما باريس وواشنطن تجهّزان الكاميرا لتصوير المشهد الأخير.
منذ عقود، يتقن النظام العسكري الجزائري فن التهجم على المغرب كلّما ضاقت عليه سبل الإصلاح الداخلي، مستعيضًا عن الكهرباء والماء والسكن بشعارات تحرير “الشعب الصحراوي” من الاحتلال… لكن فجأة، وبينما كان أحد الجنرالات يُلقّن جنديًا متدرّبًا كيف يُطلق صاروخًا إعلاميًا باتجاه الرباط، جاءه خبر عاجل: فرنسا والولايات المتحدة تُجريان تقييمًا شاملاً لـ”قابلية تفكك الدولة الجزائرية”، بدءًا من هيكلة الجيش، وانتهاءً بحالة الطوارئ النفسية في قصر المرادية.
جنرالات خارج الخدمة… قريبًا
تقرير استخباراتي أمريكي، وفق ما تسرب من مصادر غير قابلة للتكميم، وصف القيادة العسكرية الجزائرية بأنها “منظومة عاجزة عن إنتاج الاستقرار، وتختزل الدولة في البذلة العسكرية والنشيد الثوري المؤجل منذ الستينات”. وعلى الجبهة المقابلة، باريس التي طالما راعت حساسيات “الثورة المجيدة”، أصبحت أكثر ميلاً للحديث عن “ما بعد الجنرالات”، خصوصًا بعد أن أعلنت الجزائر أن الماء والغاز والهواء مؤامرة فرنسية – مغربية.
أصبح السؤال الحقيقي الآن: ماذا بعد نهاية هذا النظام الذي يتنفس عبر رئتي البوليساريو؟
الصحراء: القشة التي قصمت ظهر الجنرال
فيما كانت دبلوماسية الرباط تتحرّك ببرودة أعصاب قناص سويسري، تحصد الاعترافات الدولية وتبني التحالفات الاستراتيجية، كانت الجزائر تدفع الملايين على قنوات ومرتزقة وصور بالأبيض والأسود لإقناع العالم بوجود “دولة صحراوية” لا تستطيع إرسال وفد موحّد للأمم المتحدة.
والنتيجة؟ أكثر من 80% من الدول الإفريقية سحبت اعترافها بالكيان الوهمي، والبيت الأبيض لم يعُد يرد على مكالمات العسكر، فيما الاتحاد الأوروبي يناقش إدراج البوليساريو في قوائم الجماعات المزعزعة للاستقرار.
جزائر ما بعد العسكر: جمهورية بإرادة شعبية… أخيرًا؟
في حال قررت واشنطن وباريس الكفّ عن التعامل مع “الجنرالات كممثل وحيد للشعب الجزائري”، وهو ما تشير إليه عدة مؤشرات دبلوماسية، فإن الجزائر قد تدخل أخيرًا مرحلة التحول الحقيقي.
كل شيء ممكن حين يُرفع الحظر العسكري عن السياسة، ويُعاد تصحيح المفاهيم: الوطنية ليست بوقًا ضد المغرب، بل عقد اجتماعي مع المواطن.
النهاية مفتوحة… ولكنها قريبة
ربما لن نحتاج إلى تدخل عسكري أمريكي أو إنزال فرنسي لإسقاط الجنرالات، فالقضية الصحراوية التي صنعوا منها شمّاعة لكل إخفاق، أصبحت اليوم الحبل الذي يلتف حول أعناقهم. وسؤال التغيير لم يعُد “هل؟” بل “متى؟”
وفيما ينتظر الشعب الجزائري نهاية هذا المسلسل الطويل بعنوان “العسكر والحرب الباردة”، يتابع المغاربة تطورات الأحداث من شرفات الرباط وهم يُراجعون خرائط الاستثمار في إفريقيا، بعدما اتضح أن الجنرالات كانوا آخر عقبة أمام التكامل المغاربي.