البوليساريو… من حلم “التحرير” إلى هواية تفخيخ القوافل في مالي!

بوشعيب البازي

إذا كنت تعتقد أن جبهة البوليساريو لا تزال مشغولة بصناعة البيانات الورقية حول “تقرير المصير” و”حق العودة” و”الانفصال السلمي”، فاسمح لنا أن نُحدّثك عن آخر إصدار من علاقتها بالعالم: “النسخة الجهادية”.

نعم، تلك الحركة التي لطالما رُوّج لها في بعض الصالونات الأوروبية كـ”حركة تحرر تقدمية”، تحوّلت اليوم إلى ورشة مفتوحة لتدريب الشباب على التطرف، وتصديرهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية فرع الساحل.

التقارير الإسبانية الأخيرة، والتي استندت إلى معطيات استخباراتية رسمية، لم تعد تتحدث بلغة الاحتمال، بل بلغة “نحن نراقبهم الآن بالمنظار الليزري، ونعرف ماذا يطبخون في تندوف”.

من “عطلة في سلام” إلى “عطلة في قندهار”

قصة مؤلمة بقدر ما هي ساخرة. أطفال صحراويون شاركوا في برنامج “Vacances en paix” خلال التسعينيات وأقاموا لدى عائلات إسبانية مضيفة، باتوا اليوم حسب الاستخبارات الإسبانية قادة محتملين في تنظيم داعش بغرب إفريقيا، بل إن بعضهم يُتقن الإسبانية أكثر من دون كيشوت نفسه، مما يجعلهم خطرًا ناطقًا بطلاقة داخل أوروبا.

ومع هذا كله، لا يزال بعض المسؤولين في مدريد يتعاملون مع البوليساريو كما لو كانت جمعية فلكلورية تقدم الكسكس أيام السبت وتناقش الاستعمار الفرنسي أيام الأحد!

عندما تصبح تندوف أكبر مزود لـ”الجهاد السياحي”

التحقيقات الإسبانية الأخيرة كشفت أن على الأقل عشرة عناصر من أصول صحراوية ولدوا وتربوا في مخيمات البوليساريو بالجزائر، التحقوا بتنظيم داعش في الساحل، وأن عددا منهم تولى مهام قيادية في خلايا إرهابية نشطة، بل إن بعضهم يتمتع بقدرة على التخفي والتنقل في أوروبا كأي شاب مغاربي جاء “يدرس” أو “يشتغل” أو ببساطة “يتأمل في الديمقراطية الأوروبية”.

هذه المعطيات المقلقة لم تعد تُتداول فقط في الكواليس الأمنية، بل بدأت تُطرح في دوائر القرار الأوروبي، ما دفع واشنطن إلى التلويح صراحة بإمكانية إدراج البوليساريو في لائحة التنظيمات الإرهابية إن استمرّت في لعب دور الوسيط المظلم بين تندوف والنيجر عبر طريق الخطف والتجنيد.

متى تضع أوروبا “نقطة النهاية” بعد البوليساريو؟

الآن، وقد كشفت إسبانيا – الدولة التي كانت تُعتبر حليفا ضمنيًا للبوليساريو – عن هذا الوجه الآخر، أصبح من المشروع أن نسأل:

هل كانت الجبهة مشروعا سياسيا فعلا؟ أم مجرد محطة عبور في طريق الإرهاب؟

وإذا كان ما يُنسب إلى البوليساريو صحيحا – من تحالفات مع حزب الله، إلى احتضان سلفيين مطرودين من أوروبا، إلى تدريب شبان على خطاب الكراهية – فهل نتحدث فعلا عن “حركة تحرر” أم عن شركة متعددة الجنسيات متخصصة في تصدير الرعب باسم القضية؟

خلاصة بنكهة الإسبريسو المر

بينما تنشغل بعض الصحف الأوروبية بعدّ خطوات المغرب في الصحراء والبحث عن ظلال “حقوق الإنسان”، يبدو أن الكارثة الحقيقية تنمو بهدوء في تندوف، وسط صمت جزائري مريب ودعم إنساني ساذج.

آن الأوان أن نعيد تعريف “اللاجئ السياسي” الذي يتقن استخدام القنابل اليدوية، وأن نطرح على الطاولة السؤال الذي تخشاه بعض الحكومات:

هل بات البوليساريو اليوم الحاضنة الجهادية الجديدة في شمال إفريقيا؟

والأهم ، كم “عطلة في سلام” أخرى تحتاجها أوروبا لتفهم أن السلام لا يُولد في مخيمات السلاح؟

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: