ليلى الحديوي… حين يتحول “التباهي بالتجربة” إلى عبء على صورة المرأة المغربية

ماريا الزاكي

في زمن تحوّلت فيه الاعترافات الشخصية إلى محتوى تسويقي، اختارت عارضة الأزياء ليلى الحديوي أن تفتح قلبها، أو لنقل “ستوريها”، أمام جمهور منصات التواصل، وتشارك تجربتها السابقة مع الكحول وبعض أنواع المخدرات، بكل فخر واعتزاز يكاد يُدرّس في أكاديميات العلاقات العامة… لو كان الحديث عن نجاح مهني أو براءة اختراع، لا عن مواد ممنوعة!

الحديوي، التي بدت وكأنها تكتب بياناً ثورياً لا ردّاً على موجة انتقادات، أصرت على أن صدقها لا يجب أن يُقابل بالتشكيك. مع أن أحداً لم يطلب منها كل هذه الصراحة الكيميائية، خاصة في مجتمع ما زال يكافح لتجاوز الصور النمطية عن المرأة المغربية، ويبحث عن قدوة لا عن “حالات دراسة” في الانزلاق السلوكي باسم “التحرر”.

ففي منشورها الوجودي الذي نشرته على “الستوري”، أكدت أنها «امرأة مغربية حرة، كريمة، شامخة»، وهو توصيف جميل بلا شك، لكن السؤال هو ، هل الحرية تعني التباهي بتجارب تعاطي المخدرات في الإعلام، وكأننا في حلقة من “Netflix Confessions”؟

لقد تحدثت الحديوي عن تلك المرحلة من حياتها كما لو أنها تمرين روحي خاضته من أجل تنمية الشخصية، لا كما هي في الحقيقة: مرحلة خطيرة ومؤلمة كان يجدر تقديمها على أنها سقوط لا يُنصح بتقليده، لا درساً وجودياً مشفوعاً بابتسامة مثقَلة بالبطولة.

نحن لا نُطالب بالقديسات، ولا نُنكر حق الإنسان في الخطأ والتعلم، ولكن تسويق التجارب الشخصية بلمسة من الإلهام المزيف قد يوجه رسائل خاطئة تماماً، خصوصاً لفتيات يتابعن ليلى الحديوي كوجه إعلامي ومؤثر اجتماعي، لا كـ”بروفايل” على منصة للعلاج الجماعي.

والمثير للسخرية أكثر، هو تبريرها لتجربة التعاطي بأنها “كانت تريد أن تفهم”، كأننا أمام نسخة مغربية من مسلسل Breaking Bad، فقط بـ”ستاندرد” إنستغرامي. فعلاً، يبدو أن رحلة “الفهم” باتت اليوم مبرراً كافياً للانزلاق، ما دام السرد محاطاً بجمل شاعرية من نوع “أنا لن أستسلم” و”صوتي لمن أُسكت”… مع أن أحداً لم يسكتها، بل نحن فقط تمنينا لو صمتت قليلاً.

المرأة المغربية، يا ليلى، ليست صورة نمطية، لكنها أيضاً ليست منصة لتمرير تجارب شخصية خطرة تحت شعار “الصدق والشجاعة”. الصدق لا يكون بتطبيع الخطأ، والشجاعة لا تعني نقل الإدمان من مناطق الخطر إلى برامج البرايم تايم.

في خضمّ هذا الصخب، خرجت ابنتها أيضاً برسالة دعم مؤثرة. وهذا مفهوم في سياق العلاقة الأسرية، لكن الغريب أن الأم وابنتها تتحدثان وكأن المجتمع المغربي قد أقام “محكمة تفتيش” لمجرد أن الناس رفضوا تطبيع تعاطي المخدرات باسم الفضفضة!

في النهاية، قد يكون في كل إنسان جزء من السقوط، لكن الفرق أن البعض يسعى لينهض بصمت، وآخرون يحبون أن يُصفق لهم أثناء النهوض… حتى ولو كانوا قد تعثروا على الهواء مباشرة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: