من “عطلة في سلام” إلى “خلافة في الدم”: حين تتحوّل جبهة البوليساريو إلى مزرعة للجهاد العالمي

أردان ماجدة

من مخيمات “تندوف”، إلى حضن العائلات الإسبانية، ثم إلى معسكرات تنظيم “داعش” في غرب إفريقيا… إنها ليست حبكة فيلم سينمائي رديء، بل خلاصة تقرير استخباراتي مرعب نشرته صحيفة La Vanguardia الإسبانية، يكشف أن بعض أبناء “البوليساريو” ممن استفادوا من برامج “عطلة في سلام” الإنسانية، قد غادروا حلوى الـ”تورّون” الإسبانية والتحقوا بصفوف الإرهاب.

يا لها من قفزة نوعية!

هؤلاء، ممن تشرّبوا اللغة الإسبانية وعرفوا المجتمع الأوروبي عن كثب، لم يعودوا مجرد شباب تائه في الرمال السياسية، بل تحولوا، بحسب التقرير، إلى قيادات داخل تنظيم “داعش في غرب إفريقيا”، بل ويُرجَّح أن يكونوا الآن أدوات جاهزة لتحريك “ذئاب منفردة” داخل التراب الأوروبي.

حين يصبح التطرف وجهة سفر رسمية

فجأة، لم تعد تندوف مجرّد مخيمات للاجئين، بل مراكز إعداد بديلة لمعاهد الشريعة الجهادية. هناك، لا يُوزَّع الحليب المجفف فقط، بل أيضًا الفتاوى الناسفة والولاءات لتنظيم الدولة. ومن يُنكر ذلك، فليعد إلى التقارير المتكررة الصادرة عن المخابرات المغربية، والتي كانت تُحذّر منذ سنوات من تحول البوليساريو إلى خزان بشري يُغذّي الإرهاب في الساحل.

ولمن لا يصدق… آخر التحذيرات لم تأتِ من الرباط هذه المرة، بل من عاصمة كتالونيا!

“السفير” يعلِّم القتال؟

الطريف ـ أو بالأحرى المُفزع ـ أن أحد الموقوفين مؤخرًا في إسبانيا، بتهمة التورط في قضايا إرهاب وترويج فكر متطرف، ينتمي إلى الدائرة الضيقة للمدعو خطري أدوه، المسمى بسفير البوليساريو في الجزائر. يبدو أن “السفارة” هناك لا تُسلّم فقط جوازات سفر “دولة غير موجودة”، بل أيضًا تأشيرات إلى جهنم.

فهل نحن أمام تسلل عرضي لبعض المنحرفين؟ أم أمام شبكة مهيكلة تتقاطع فيها السياسة بالمتفجرات؟

أوروبا… الحاضنة السابقة للكوابيس الحالية

الغريب أن هؤلاء الإرهابيين الجدد نشأوا في أحضان أسر أوروبية ظنّت أنها تحتضن أطفالًا لاجئين يبحثون عن شمس مختلفة، فإذا بهم يعودون لاحقًا حاملين ظلال الخلافة بدل دمى البحر.

هكذا، يتحوّل برنامج “عطلة في سلام” إلى عطلة مؤقتة في طريق التطرف. وتصبح الرحلات الإنسانية، دون تدقيق أمني، أقرب إلى مشاريع إعادة تدوير للعنف.

متى تُدرج البوليساريو في لوائح الإرهاب؟

آن الأوان لطرح السؤال الجريء: هل ما تزال جبهة البوليساريو مجرد حركة انفصالية؟ أم أنها تُشبه تنظيمات مثل “الشباب الصومالي” و”بوكو حرام” بلباس سياسي؟

لقد بات مطلوبًا من الأوروبيين، لا سيما مدريد، أن يتوقفوا عن النظر إلى البوليساريو بعدسات رومانسية شيوعية قديمة. فما يحصل في تندوف اليوم هو صناعة منهجية للكراهية والتطرف باسم “قضية إنسانية” خُطِفت منذ زمن بعيد.

وهل تعلم؟

هل تعلم أن الأمم المتحدة لا تعترف بجبهة البوليساريو كدولة، ومع ذلك توجد لها “سفارات” و”جوازات” يتداولها البعض؟ في القانون الدولي، هذا يُشبه إصدار رخص قيادة في الفضاء!

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: