في زمن أصبحت فيه “الحكومة الاجتماعية” ماركة مسجلة، وشعاراً يوزع بكثرة في المؤتمرات أكثر من الوعود الانتخابية، خرجت البرلمانية والفاعلة الحقوقية حنان رحاب بتصريح يشبه صفعة صوتية على خد الخطاب الرسمي المورّد.
“ليست هذه حكومة اجتماعية، بل حكومة إكسسوارات اجتماعية!”
هكذا يمكن اختصار موقف رحاب، التي وضعت النقاط فوق الحروف، والحكومة فوق المساءلة. مجانية التعليم؟ ذلك الحلم السويسري الذي تأخر عن الطائرة المغربية.
و بحسب رحاب، لا يمكن أن نصف حكومة بـ”الاجتماعية”، بينما التعليم العمومي يئن تحت وطأة “الخصخصة المقنّعة”، والمستشفيات العمومية تعاني نقص المعدات، والأطر، والكرامة.
أما عن مجانية التعليم، فتقول:
“الحكومة الاجتماعية لا يمكن أن تكون تلك التي تجعل من التعليم سلعة، ومن مستقبل الأبناء استثماراً محفوفاً بالمخاطر.” ويبدو أن “الحكومة الاجتماعية” بنسختها الحالية، تفضل شعار، “ادفع أولاً… وتعلم لاحقاً، إن بقي لك وقت أو نفس.”
ولأن التعليم وحده لا يكفي، رحاب فتحت النار أيضاً على قرار تحديد سن الولوج لمهنة التعليم في 30 سنة، معتبرة أن هذا الإجراء جريمة اجتماعية في حق عشرات الآلاف من الشباب الذين قضوا أعمارهم في الدراسة، ليجدوا أنفسهم محاصرين بمرسوم زمني لا يرحم.
“كيف لحكومة تقول عن نفسها اجتماعية أن تسد أبواب الأمل أمام شاب مجاز أو حاصل على الماستر فقط لأنه تجاوز الثلاثين؟ هل صار العمر جريمة؟” وفي زمن البطالة المزمنة، يبدو أن الشغل لم يعد حقاً دستورياً، بل سباقاً مع الزمن… وزلات الحكومة.
ليست هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها حنان رحاب بلسان المواطن المغبون. فهي لا تكتفي بمداخلاتها البرلمانية، بل تعتبر نفسها صوتاً ميدانياً للدفاع عن الحق في التعليم، الصحة، والشغل.
نظرياً، تحمل الحكومة برامج طموحة، وأوراشاً ضخمة، وأرقاماً زاهية. لكن واقع الحال لا يبتسم كثيراً. أما “الدولة الاجتماعية”، فيبدو أنها لازالت على الورق، أو في خطاب افتتاحي لم يصل بعد إلى معترك الحياة اليومية.
هل نحتاج إلى حكومة… أم إلى لجنة إنقاذ اجتماعي؟
في ظل هذا الوضع، يبدو أن رحاب لا تطلب المعجزات، بل فقط المعقول ، تعليم مجاني، صحة لائقة، وشغل لا يُصنف حسب عدد الشموع على الكعكة. لكن في مغرب 2025، المعقول صار ترفاً… والحكومة الاجتماعية مجرد شعار جميل في نشرة الأخبار.