في بلاد تعاني من نقص حاد في الأطباء، وزيادة مهولة في “الشيخات”، تخرج علينا الطبيبة النفسانية هدى لتدمج المهنتين معًا وتقدّم وصفة مغربية خالصة لعلاج القلق والاكتئاب: شوية شعبي، شوية دقة، وشوية هزّ كتف!
هدى، التي انتشرت فيديوهاتها كالنار في الهشيم على مواقع التواصل، لم تكتفِ بتسويق الرقص كفنّ تراثي، بل قرّرت بكل حزم أن تجعل من “الهزّ” تخصصًا أكاديميًا جديدًا، قابلًا للاعتماد من المجلس الوطني للأطباء، فقط إذا تخلّى عن جديته.
من عند احوزار إلى لحسن الحنيفري، ومن جلسات الرقص النفسي إلى عروض الإبهار الشعبي، تحوّلت هدى إلى مادة خام لصناع المحتوى، ومصدر إلهام لبرامج القناة الثانية، وحتى الصحف الورقية بدأت تتساءل: هل وصلنا إلى زمن يُحيل فيه طبيب نفسي مرضاه إلى “نوبة” شعبية بدل جلسة تحليل؟ وهل باتت “الشيخة” أكثر فاعلية من Prozac؟
الجديد في المسلسل الهُدوي، هو انتقالها المفاجئ من احوزار ـ الذي شَهد بداياتها ـ إلى الحضن الفني الجديد لحسن الحنيفري، مما أثار تحليلات جمهور الـTikTok: هل هو انتقال فني؟ أم عاطفي؟ أم أن الدولة تستعد لتوظيفها رسميًا في حملة “الصحة النفسية بالركادة الوطنية”؟
ولأن لا شيء في المغرب يمر دون نظريات المؤامرة، بدأ البعض يتحدث عن مشروع قانون جديد لإدراج الرقص الشعبي في مناهج الطب النفسي، أو حتى إدماجه في منظومة التغطية الصحية الشاملة تحت بند “الوقاية بالأهازيج”.
لكن، في كل هذا الصخب، تبقى الشيخة هدى مرآة لما نعيشه: مجتمع تائه بين الرغبة في العلاج والبحث عن الترفيه، بين الجدية والتهريج، بين الوعي والتفرُّج.
وإن كانت شهرتها تُربك النُّخب وتُسعد الفيسبوكيين، فإن المؤكد هو أن هدى أثبتت ـ وبإيقاع ثابت ـ أن العلاج بالموسيقى له مستقبل، خصوصًا في بلد يرقص على حافة الأزمات.