يقال إن المغرب بلد فلاحي. هذه الجملة تُردد في كل خطاب رسمي، تُطبع على دفاتر المدرسة، وتُوشم في اللاوعي الوطني كما تُوشم أثمان “الحولي” على جبين المواطن المغربي كل عيد أضحى. لكن المثير للسخرية، أن هذا البلد الفلاحي العظيم، حين يقترب العيد، يتحول فجأة إلى زبون دولي يبحث عن خرفان للإيجار أو التبني المؤقت… من الخارج.
نعم، في سنة 2025، حكومة السيد عزيز أخنوش، التي يُفترض أنها الأقرب لفهم معاناة الفلاح بحكم “الاختصاص”، اختارت الطريق الأسهل: ما عندناش الغنم؟ نجيبو من برا. وكأننا دولة قطبية لا علاقة لها بالزراعة، أو أننا نعيش في سنغافورة المجاورة للصحراء.
بدل دعم الفلاح المغربي، الذي أكلته القروض وتبخر معه الدعم في مواسم الجفاف و”السياسات الجافة”، فضلت الحكومة أن تحوّل ميزانية ضخمة من العملة الصعبة لجلب قطعان مجهولة النسب من أوروبا، وسط صفقات يلفها الصمت والغموض ورائحة “الشحمة المتعفنة”.
الغريب في الأمر، أن هذه الخرفان المستوردة تصل بأثمنة تكاد توازي ثمن كبش مغربي صنع باليد وربي فالدّوار، والنتيجة؟ لا الفلاح استفاد، لا السوق انتعش، ولا المواطن فرح. فقط الفساد انتعش، والدولار تبخر، والعيد تحوّل إلى نسخة مستوردة من “الفضيحة الموسمية”.
أي بلد فلاحي هذا الذي لا يجد كبشًا في عيد الأضحى؟ أي منطق هذا الذي يدعم فيه المسؤول استيراد الماشية بدل استثمار درهم واحد في دعم من يُربّيها في الداخل؟ أين المجلس الأعلى للحسابات؟ أين تقارير تفتيش وزارة الفلاحة؟ ربما مشغولين في إحصاء عدد الأكباش بدل تتبع وجهة الدعم المفقود.
في المغرب الجديد، لا شيء يدهشك: الفلاح يبحث عن الماء، المواطن يبحث عن العيد، والحكومة تبحث عن صفقات… والحولي؟ مستورد، مجهول الأب، ومرفق بجواز سفر أوروبي.
عيد مبارك… ولو بديكورات فلاحية مستوردة.