المنتدى المغربي يكشف وجود مغاربة في سجون جزائرية ويدعو لتحقيق دولي في انتهاكات حقوقية
بوشعيب البازي
كشف المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان عن وجود عدد من المواطنين المغاربة المنحدرين من مدينة سيدي سليمان في سجون ومراكز احتجاز جزائرية، مشيرًا إلى تعرضهم لظروف اعتقال قاسية وإهمال، ومطالبًا بفتح تحقيق دولي بشأن الانتهاكات التي تطالهم داخل هذه المؤسسات العقابية.
وجاء هذا الإعلان بعد تلقي المنتدى شكايات من عائلات مغربية أكدت أن أبناءها يقبعون في سجن غرداية، موفرةً معطيات دقيقة تتضمن أسماء المحتجزين وأرقام احتجازهم ومدة محكوميتهم. وتؤكد العائلات أن ظروف الاتصال بهم ومتابعة وضعيتهم القانونية والإنسانية تزداد صعوبة مع مرور الوقت، في ظل نقل عدد منهم إلى مؤسسات سجنية تبعد بمئات الكيلومترات عن غرداية، كـغليزان والأغواط وتيارت والبويرة.
وفي تصريح ، قال جواد الخني، رئيس المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، إن هذه الممارسات تعد “خرقًا للمعايير الدولية الخاصة بمعاملة السجناء”، معتبرًا أن نقل السجناء المغاربة إلى سجون نائية يعرقل حقهم في التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم، ويضاعف من معاناتهم.
وأضاف الخني أن المنتدى يعتبر ما يحصل “انتهاكًا لمدوّنة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين”، المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، و”خرقًا واضحًا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
وطالب المنتدى بـ”فتح تحقيق من طرف الأمم المتحدة، وخصوصًا المفوضية السامية لحقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التعذيب”، بشأن الانتهاكات التي تطال معتقلين مغاربة وآخرين من جنسيات إفريقية في السجون الجزائرية، داعيًا إلى “ترتيب الجزاءات القانونية في حق المسؤولين المتورطين في مثل هذه الانتهاكات ومحاسبتهم وفقًا للآليات الدولية”.
كما دعا المنتدى الآليات الإفريقية، وفي مقدمتها اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، إلى “إدانة الأفعال التي تتنافى مع مبادئ الكرامة والعدالة”، و”تشكيل لجنة تقصي حقائق لحماية الأشخاص المحرومين من حريتهم من التعذيب وسوء المعاملة”.
موقف مغربي رسمي
وفي سياق متصل، أكد مصدر مسؤول في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج (طلب عدم الكشف عن اسمه) أن الوزارة تتابع عن كثب هذه الحالات بالتنسيق مع المصالح القنصلية المغربية، مشيرًا إلى أن اتصالات دبلوماسية تمت مع الجانب الجزائري للمطالبة بتوضيحات بخصوص وضعية المغاربة المحتجزين وظروف اعتقالهم.
وأوضح المصدر ذاته أن المملكة المغربية “تحرص على صون كرامة مواطنيها في الخارج، أيا كانت الأسباب التي قادتهم إلى مراكز الاحتجاز، وتؤكد ضرورة احترام حقوقهم الأساسية في إطار القوانين الدولية”.
في المقابل، لم تصدر السلطات الجزائرية إلى حدود الساعة أي بلاغ رسمي بشأن هذه القضية، ما يزيد من تعقيد وضعية المعتقلين ويغذي مخاوف أسرهم التي تطالب بالكشف عن الحقيقة وتأمين محاكمات عادلة لأبنائها.
وتأتي هذه التطورات في ظل توتر مستمر بين الرباط والجزائر على مستويات عدة، غير أن الجهات الحقوقية تدعو إلى فصل الملفات ذات الطابع الإنساني عن التجاذبات السياسية، باعتبار أن حماية كرامة الإنسان “لا يجب أن تخضع لمنطق الخلافات الثنائية”.