خطوة مفاجئة من مفوضية اللاجئين: إنهاء عقود موظفيها بمدينة العيون بحلول نهاية شتنبر

بوشعيب البازي

في تطور غير متوقع، أخبرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين موظفيها العاملين بمدينة العيون، جنوب المملكة المغربية، بإنهاء عقود عملهم بشكل رسمي ابتداءً من 30 شتنبر المقبل .

ورغم أن التفاصيل الرسمية حول خلفيات القرار لم تُعلن بعد، فإن توقيت هذه الخطوة يطرح تساؤلات عدّة حول دلالاتها وسياقاتها، لا سيّما أنها تأتي في ظرفية دقيقة تعرف زخماً دبلوماسياً متزايداً بشأن قضية الصحراء المغربية، خاصة بعد التطورات الأخيرة على مستوى المواقف الدولية، ودينامية الدعم المتزايد لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وتُعدّ العيون من أبرز المدن الجنوبية التي تمثّل قلب الحضور المؤسساتي المغربي في الأقاليم الجنوبية، وتشهد حركية اقتصادية ودبلوماسية متنامية في السنوات الأخيرة، بعد افتتاح قنصليات عدد من الدول الإفريقية والعربية بها، وهو ما يجعل من وجود وكالات أممية فيها مسألة حساسة من حيث التمثيلية والتأطير القانوني والرمزي.

قراءة أولية: هل هو قرار إداري أم رسالة سياسية؟

في الوقت الذي قد يُفهم فيه القرار في سياق تغييرات داخلية أو إعادة هيكلة لمكاتب المفوضية الأممية في المغرب، لا يُستبعد أن يكون جزءاً من تحركات أممية مرتبطة بإعادة تقييم التمويل أو طبيعة العمل الميداني في بعض المناطق.

غير أن بعض المتابعين يرون أن الأمر قد يحمل أبعاداً سياسية غير معلنة، خصوصاً أن مفوضية اللاجئين لطالما وُضعت في قلب النقاشات الحساسة المرتبطة بمخيمات تندوف، والتعاطي الأممي مع ملف “اللاجئين الصحراويين”، في ظل رفض الجزائر لإحصائهم وعرقلة المراقبة الدولية لوضعيتهم.

السلطات المغربية: موقف مُراقب وتحفّظ رسمي

حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم يصدر أي تعليق رسمي من طرف الحكومة المغربية أو وزارة الخارجية حول قرار المفوضية، مما يعكس إما تحفظاً دبلوماسياً في انتظار اتضاح الرؤية، أو محاولة لاستقراء خلفيات الخطوة قبل إصدار موقف رسمي.

وتجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين المغرب والأمم المتحدة تشهد في العموم تنسيقاً مستقراً في ملفات متعددة، من ضمنها الهجرة والتنمية، غير أن تعقيدات ملف الصحراء أحياناً ما تفرض تبايناً في المواقف، لا سيّما حين يتعلق الأمر بتقارير أو ممارسات ميدانية لا تنسجم مع الرؤية السيادية للمملكة.

 خطوة تحتاج إلى تفكيك

يبقى القرار الأممي بإنهاء عقود موظفي المفوضية بالعيون خطوة تحتاج إلى تفكيك من زاويتين: وظيفياً، لفهم ما إذا كان القرار ذا طابع إداري بحت؛ وسياسياً، لاستكشاف ما إذا كان يُمهد لتحول في مقاربة الأمم المتحدة لحضورها في الصحراء المغربية، أو مجرد تدبير داخلي معزول عن الديناميات الكبرى.

في كل الأحوال، فإن مستقبل الوجود الأممي بالصحراء وموقف المغرب منه سيظلان تحت مجهر المتابعة، لا سيّما في ظل السياق الإقليمي والدولي الذي يشهد تحوّلات متسارعة في اتجاه ترسيخ مغربية الصحراء واقعاً وممارسة ودعماً دولياً.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: