من قال إن الحقيقة لا تظهر إلا في المحاكم؟ أحيانًا، يكفي تسجيل صوتي على واتساب، وقليل من التناقضات في رواية “الضحية”، ليبدأ سيناريو “مولات 88 غرزة” في الانهيار مثل مكياج سيء تحت المطر.
فبحسب مصدر قضائي، كشفت تسجيلات صوتية نسبت إلى صديقة المشتكية، أن الأخيرة هي من “ضربت نفسها” حرفيًا، وبشهادة الشهود: “رأيناها كلنا”، تقول صاحبة التسجيل بنبرة من اكتشف أن حبكة المسلسل التركي الذي تابعه لثلاثين حلقة لم تكن سوى كذبة.
القاضي، الذي يبدو أنه قرر أن يلعب دور المحقق الحقيقي هذه المرة، استدعى صاحبة التسجيل، وواجهها مباشرة بمن تحدثت إليهم عن الواقعة. وهنا، بدأت خيوط الكذبة تتفكك، كما تتفكك ربطة عنق في جلسة استجواب حامية. السيناريو الرسمي للادعاء لم يصمد كثيرًا، وانهار كأطروحة فلسفية لطالب نسي عنوان السؤال.
النتيجة؟ تهمة “الاعتداء” التي كانت تطارد المتهم سقطت، لكن القاضي، الحريص على أن لا يخرج أحد من القاعة دون تهمة، قرر أن “إعداد وكر للدعارة” يمكن أن يكون ملاذًا قانونيًا مناسبًا لإنقاذ ماء الوجه، فصدر الحكم: شهران من الحبس، لا أكثر.
ومع ذلك، فالقضية لم تنتهِ. باب الاستئناف ما زال مفتوحًا، وكلمة القضاء لم تُقل بعد في فصلها النهائي. من يدري؟ لعلنا أمام مسلسل جديد بعنوان: “مولات 88 غرزة – العودة إلى المحكمة”.
لكن بعيدًا عن المزاح، تبقى هذه القضية نموذجًا صارخًا على هشاشة بعض الروايات الإعلامية التي تتعجل صناعة “الضحية” قبل أن تطرح أبسط الأسئلة: من قال ماذا؟ لمن؟ ومتى؟ وما الدليل؟
فبين تسجيلات صوتية، واعترافات متضاربة، ووشم “غرزة غرزة” على جسد الرواية، أصبح من حق الرأي العام أن يتساءل: هل نحن أمام قضية عنف، أم مجرد مسرحية درامية تبحث عن جمهور ساذج؟ وهل أصبح إعداد “وكر للدعارة” هو تهمة الطوارئ التي تنقذ ملفات العدالة حين تسقط سرديات “الضحايا” المعلبة؟
ننتظر كلمة القضاء، وننتظر أكثر أن يتوقف البعض عن تحويل قاعات المحاكم إلى مسارح شعبية، تتقاطع فيها “الغرزة” مع الكاميرا، والكذبة مع العناوين العريضة.