إسطنبول تُسقط “التمثيلية الحصرية” للبوليساريو: مؤتمر نساء الأممية الاشتراكية يرسم ملامح تحول دبلوماسي بشأن الصحراء

بوشعيب البازي

شهد مؤتمر “نساء الأممية الاشتراكية”، المنعقد هذا الأسبوع في مدينة إسطنبول، تحولاً نوعياً في مقاربة المنتظم الدولي لملف الصحراء المغربية، بعد أن أفسح المجال لأول مرة لمشاركة متوازنة بين ممثلات عن جبهة “البوليساريو” الانفصالية ووفد نسائي من “حركة صحراويون من أجل السلام”، دون منح صفة “التمثيل الحصري للشعب الصحراوي” لأي من الطرفين.

هذه الخطوة، التي وُصفت من قبل متابعين بأنها “كسْر فعلي لاحتكار الخطاب السياسي”، تأتي في وقت تتزايد فيه الأصوات الداعية إلى مراجعة الأسس التي بُني عليها التعاطي مع هذا النزاع المفتعل في عدد من المحافل الدولية، خاصة مع اتساع الهوة بين خطاب جبهة “البوليساريو” والواقع السياسي والإنساني على الأرض.

مشهد جديد في معاقل الاشتراكية العالمية

الحدث، الذي يُعد أحد أكبر التجمعات النسائية الاشتراكية على المستوى الدولي، طبعته مشاركة نساء من الأقاليم الجنوبية المغربية ضمن وفد “صحراويون من أجل السلام”، وهو ما شكّل سابقةً لافتة، خاصة أن الوفد ضم أيضاً شخصية كانت تشغل منصب سفير سابق للجبهة الانفصالية في فنزويلا، ما عدّه مراقبون “صفعة دبلوماسية موجعة” لـ”البوليساريو” ومناصريها.

وفي تعليقات استقتها جريدة هسبريس من عدد من المهتمين بالشأن الدبلوماسي، اعتُبر هذا التطور بمثابة “إعلان غير مباشر عن بداية مرحلة دولية جديدة، تعترف بالتعددية داخل الجسم الصحراوي وترفض وصاية البوليساريو التي استمرت لعقود في المحافل الدولية”.

نهاية “الادعاء بالتمثيل الحصري”

يرى محللون أن “إدماج فاعلين صحراويين خارج بنية البوليساريو في تظاهرات أممية من هذا الحجم لا يُسقط فقط ادعاء التمثيل الحصري، بل يعكس أيضاً وعياً متزايداً لدى صناع القرار الدوليين بضرورة الاستماع لأصوات بديلة تمثل تيارات معتدلة وتقدمية داخل المجتمع الصحراوي”.

كما أن هذا الاعتراف العملي بالتعدد داخل الجسم الصحراوي، يعزز من خطاب المغرب الذي لطالما شدد على أن “البوليساريو” لا تمثل إلا أقلية مفروضة بالسلاح والدعاية، وأن سكان الأقاليم الجنوبية يعيشون داخل وطنهم في ظل مشاريع تنموية غير مسبوقة، ومشاركة سياسية فعالة تشمل كل المستويات.

مكاسب دبلوماسية ومسار يتعزز

في ظل هذا التحول، يرى متابعون أن ما حدث في إسطنبول ليس مجرد تفصيل عرضي، بل يأتي في سياق متكامل من التراجعات التي تعرفها الأطروحة الانفصالية، سواء على مستوى الدعم الدولي، أو من خلال الانقسامات الداخلية التي بدأت تطفو على السطح. كما يمثل إضافة نوعية إلى الرصيد الدبلوماسي المغربي، خاصة في ظل تحركات موازية تقودها الرباط بثبات، تزاوج بين الانفتاح والتعاون، والدفاع الصارم عن السيادة الوطنية.

ويبدو أن منسوب الدعم المدني والدبلوماسي للوحدة الترابية آخذ في التوسع، بفعل نجاعة المقاربة المغربية وتآكل الخطاب التقليدي للانفصاليين، الذين يجدون أنفسهم، مرة تلو أخرى، في موقف دفاعي، بينما تنهار حججهم الواحدة تلو الأخرى في المنتديات الإقليمية والدولية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: