حين تصير الأغنية شهادة.. وحين تصير الشاهدة نجمة!

بوشعيب البازي

في آخر عرض مسرحي له على خشبة المحكمة، خرج سعيد الناصري، القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة والرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي، ليطلب، بكل جدية ووقار (لا يليقان بالمقام)، استدعاء الفنانة لطيفة رأفت وخادمة تُدعى حورية للمواجهة في ما صار يعرفه المغاربة بملف: “كل شيء مباح”.. من السياسة إلى المخدرات، مرورا بالغراميات المدفوعة الأجر!

الفنانة لطيفة رأفت، التي كانت تُطربنا بكلمات الهوى وألحان الشوق، تحولت فجأة من مطربة للقلوب إلى “شاهد إثبات” في ملف تصلح أحداثه لفيلم من إنتاج نتفليكس، بتصنيف: +18، ويفضل مشاهدته بعد الإفطار حفاظًا على صيام الجوارح.

السيدة لطيفة، التي صدّعت رؤوسنا بـ”خيي يا خيي”، و”أنا فعارك”، يبدو أنها لم تكن فقط “فعارنا”، بل “فوسطنا”، ووسط ملف يُطبخ فيه كل شيء: أموال مغسولة، ساسة متورطون، و”حب” يمر عبر التحويلات البنكية.. وربما عبر خادمة كانت تحمل القهوة ولم تنتبه أنها تحمل معها دولة داخل الدولة!

لطيفة، للإنصاف، ما تزال في خانة الشاهدة. لكنها شاهدة من العيار الثقيل، لأنها كانت – ويا للصدف الجميلة – زوجة الرجل الذي تصفه الصحافة بـ”إسكوبار الصحراء”، المالي إبراهيم، الذي يبدو أن نشاطه كان يمتد من تهريب الرمال إلى تهريب العقول، والدليل أن لطيفة رأفت نفسها تحاول اليوم أن تقنعنا بأنها لم تكن ترى، ولم تسمع، ولم تفهم… رغم أنها كانت زوجته!

نعم، كانت زوجته، لا شريكته في شركة تنظيف، بل شريكة حياة لرجل يمكنه أن يُحرك المال والمخدرات والمخبرين، لكن لم يحرك فيها، كما تزعم، سوى المشاعر. يا سلام!

في الحقيقة، كنا نأمل أن تكتفي الحاجة لطيفة بما جنت يداها من أموال الحفلات والطلاقات، وتعتكف في بيتها، ترعى صوتها الجميل بدل أن ترعى ملفات لا طرب فيها. لكن يبدو أن الحاجة، ككل من ذاق طعم النفوذ، قررت أن تجمع بين الفن والشهادة في قاعة المحكمة، وبين الزوج السابق والحاضر في أرشيف الأسرار!

لسنا في موقع الاتهام، ولسنا جهة قضائية، ولكننا أبناء شعب يعرف كيف يقرأ ما بين النوتات، ويدرك أن “الشاهدة” قد تكون أحيانا أخطر من المتهم. خصوصا إن كانت تملك ما يكفي من الصوت لتغني، ومن الصمت لتُدين.

نكتفي بهذا القدر، لأن الاسترسال في هذا الملف قد يقودنا إلى أماكن لا تغني فيها لطيفة رأفت، بل تُنشد فيها الحقيقة نشيدًا نشازًا.

ونختم – على عادة المغاربة – بالحكمة التي تقول:

“اللي كانت نملة ولبسات جناحين، كتولي كتطنّ فوق روس الكبار.. حتى يجي اللي يصفقها.”

والأيام حبلى، فانتظروا مولود الفضائح القادم…

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: