عبد اللطيف وهبي… وزير العدل و”المسطرة” الساخرة!

بوشعيب البازي

في سابقة تشريعية أقرب إلى عروض الستاند أب منها إلى أشغال البرلمان، نجح عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، في تمرير قانون المسطرة الجنائية كما يُمرَّر طبق الكسكس في جلسة عائلية، بـ”قَفشات”، وابتسامات، ونفَس طويل، دام 12 ساعة متواصلة من التصويت المسرحي على 1343 تعديلاً.

نعم، 1343 تعديلاً! رقم يصلح لموسوعة “غينيس” لا لتشريع وطني. لكن وهبي، بهدوء من تدرب طويلاً على تقنيات “فن المراوغة التشريعية”، اكتفى بالرد بجملة سحرية واحدة، “مرفوض، مرفوض، مرفوض”، حتى تحولت جلسة لجنة العدل والتشريع إلى ما يشبه تمريناً صوتياً للرفض المؤسّس.

الرئيس سعيد بعزيز تولى دور “المُعلّق الرياضي”، يعلن رقم التعديل والفصل، فيما الوزير يرد كمن يدير كشكاً لليناصيب ، “مرفوض… مرفوض… مقبول… مرفوض”. كل هذا دون تلاوة نص التعديلات، ولا سماع وجهات نظر، ولا حوار، فقط: رقم، رفض، رقم، رفض، رقم… قانون تمت المصادقة عليه، شكراً على حسن تعاونكم.

ويبدو أن الوزير قرر أن ينشر “العدالة بالتقسيط”، حيث وزع القبولات كأنها “بونات تموين”، 149 تعديلاً قُبلت من أصل 1343، موزعة بين فرق المعارضة والأغلبية بنسب تجعل التعديل المقبول شبيهاً بالحظ في ورقة يانصيب.

أما الجمعيات الحقوقية، فحصلت على “هبة تشريعية” تخص المادة 3 و7، حيث أبدع وهبي تبريراً غير مسبوق، “المال العام ماشي سايب!”… الحمد لله على التوضيح، فربما كنا نعتقد أن نهبه جزء من المرفق العمومي.

وفي لمسة بوليسية لم تخلُ من إثارة، دافع الوزير عن منح خلفاء القياد الصفة الضبطية، لأنهم – حسب قوله – يصلون إلى موقع الحادث أسرع من القياد أنفسهم. ربما لأنهم يملكون أسرع “حمير قانونية”، أو لأن “القياد” محشورون في ازدحام الصلاحيات.

وعلى الهامش، أو في “الكواليس المضيئة”، بشّر الوزير الأمة القانونية بتوافق تاريخي مع هيئات المحامين، بعد 30 اجتماعاً، توج بإحالة مشروع قانون المحاماة إلى الأمانة العامة للحكومة. المحامون تنفسوا الصعداء، ووهبي ابتسم كمن ربح قضية ضد نفسه.

نحن إذن أمام وزير لا يملّ من العمل، ولا من المزاح، قادر على اختصار 3 أيام من النقاش إلى 12 ساعة، وإقناع البرلمان بتمرير قانون ضخم كما لو كان يبيع تذاكر لحفل موسيقي، مع وعد بفتح معاهد جديدة للمحامين والموثقين، وكأننا ندشن موسم “أشبال العدالة”.

باختصار، عبد اللطيف وهبي لا يشرّع فقط، بل “يُخرج” النصوص كأنها حلقات من مسلسل قانوني ساخر، بطله وزير يعرف كيف يضحك… وكيف يُمضي القوانين دون أن يرمش.

ولله في قفشات وزرائه شؤون

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: