بلاغ “اللجنة الموازية”: حين يسافر الطموح بدون جواز شرعية

حنان الفاتحي

كالعادة، لا يحتاج الطموح في صفوف بعض “الفاعلين” إلى تأشيرة شرعية ولا إلى انتخابات ولا حتى إلى استشارة أبناء الجالية المغربية بالخارج الذين يُفترض أن يتحدثوا باسمهم. فمرة أخرى، اجتمع ثلة من الأسماء، معظمها مجهول بالنسبة للمغاربة المقيمين خارج الوطن، في فندق فخم بالرباط، وأصدروا بلاغًا بلغة حالمة، محشوة بالمصطلحات الرنانة، معلنين عن تشكيل لجنة يُفترض أنها تمثل الجالية… فقط لأنهم قرروا ذلك.

في هذا اللقاء، الذي انعقد تحت رعاية الطموحات الشخصية والسعي المحموم للظهور في الصورة، جلس علي الزبير، الذي يُعرف أساسًا بقدرته الفائقة على تمويل ما لا يمثّل أحدًا، ليصرّح بأنهم، كمغاربة الخارج، مجنّدون لخدمة الوطن، وأن خطاب جلالة الملك فرصة عظيمة. لا أحد يعارض هذه المبادئ السامية طبعًا، لكنها في هذا السياق تبدو كأنها ملصقات على واجهة مشروعٍ بلا أساس، ولا دعم شعبي، ولا حتى تمثيلية حقيقية.

فـ”لجنة الحوار حول الورش الملكي” التي يدّعي هؤلاء أنهم يمثلونها، لم ينتخبهم أحد، ولم يسمع عنهم أحد قبل أن يقرروا الظهور فجأة، كالضيف الثقيل، في نقاش وطني مهم وحساس. ويبدو أن أقصى ما طمحوا إليه هو إنتاج بلاغ صحفي مصاغ بنفس أسلوب بيانات الزمن الجميل: كثير من العبارات الإنشائية، كثير من الألقاب، وصفر محاسبة.

أما الحضور، فقد كان عبارة عن كوكتيـل من الألقاب: نائبة برلمانية “سابقة”، وأخرى “حالياً”، دكتورات “فاعلات”، مستثمرون مبهمو الأنشطة، وأكاديميون اختاروا المجد من خلال لجنة لا أحد كلفها بشيء. وطبعًا، لا ننسى السيدة “الصحفية من كندا”، لأن الصحافة أيضًا أصبحت مدخلاً ممتازًا لنيل حصة من كعكة التمثيل.

البلاغ تحدث عن “مكتسبات وإخفاقات” الجالية، وكأنهم لجنة تقصي الحقائق، ولم ينسوا طبعًا انتقاد المؤسسات الرسمية، على رأسها مجلس الجالية المغربية بالخارج (CCME)، ربما لأن الكراسي هناك محدودة، والمنافسة شديدة.

الطريف أن البلاغ ختم باتفاق هؤلاء “الممثلين المفترضين” على أنهم سيكونون قوة اقتراحية للورش الملكي. قوة لمن؟ وباسم من؟ لا أحد يعلم. لكن الواضح أن قوة التمويل التي يملكها علي الزبير كانت كافية لإيجاد قاعة، وتوفير ضيافة، وربما لاحقًا طباعة شعارات ملونة، لأن كل مشروع في المغرب يبدأ من البلاغ وينتهي في مؤتمر صحفي… إن توفرت الكاميرات.

في النهاية، يبدو أن “اللجنة” هي تجربة جديدة في فنون التمثيل بلا تمثيلية، والحديث باسم الجالية دون حتى استشارة الجالية. إنها قصة أخرى من قصص التسلّق على خطاب ملكي صادق، من أجل مصالح فردية ملفوفة بشعارات وطنية

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: