المنتدى البرلماني المغربي – الموريتاني: عندما يصبح الاقتصاد شقيقًا للدم، والدبلوماسية وليمة على موائد الاستثمار
بقلم: بوشعيب البازي
بروكسيل — في مشهد يصلح لافتتاح موسم صيد سياسي، لا منتدى اقتصادي، اجتمع وفد برلماني مغربي رفيع المستوى بنظيره الموريتاني ليعلن عن ميلاد “المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني – المغربي”، وهي مناسبة اقتصادية بغطاء دبلوماسي أو العكس، لا يهم الترتيب، طالما أن الرسائل وصلت، والكاميرات اشتغلت، والابتسامات عُرضت في أعلى جودة دبلوماسية.
رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب المغربي، لم يدّخر جملة واحدة دون شحنة وجدانية، فأكد أن العلاقة بين البلدين “تتجاوز المنافع والمصالح إلى روابط الأخوة والدم”. وبما أن السياسة فن استخدام المجاز، فلا بأس إن امتزجت المصالح التجارية ببعض “الحميمية الجيوسياسية”. ومن نواكشوط، أعلن أن “العمق الإفريقي كنز”، وكأننا نكتشف لأول مرة أن الجغرافيا قد تكون أيضًا استثمارًا قابلًا للتنمية المستدامة.
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني استقبل الوفد المغربي استقبال الأخ لأخيه غير الشقيق، لكن الوافد برتبة “مستثمر محتمل”، أو على الأقل “فاعل اقتصادي واعد”. ووسط المجاملات البروتوكولية، تم تبادل التحيات الملكية، ومناقشة قضايا “هامة”، وهي عادة لا تُفصَّل، لكن تُذكر باحترام.
الأكاديمي والخبير الإستراتيجي هشام معتضد، بدوره، أضفى لمسة تحليلاتية على المائدة، حين وصف المنتدى بأنه “ترجمة لإستراتيجية براغماتية”، وشهادة أخرى على أن المغرب لا ينسج فقط الزرابي، بل شبكات مصالح عابرة للقارات. بحسب معتضد، فكل هذا الحضور الثقيل والاحتضان الرسمي ليس نزهة شتوية في نواكشوط، بل جزء من مشروع استقرار إقليمي مدعوم من أعلى المستويات، يجعل من المغرب محورًا لوجستيًا وسندًا تنمويًا.
ولمن يهوى الأرقام أكثر من الخطابة، فالعلاقات الاقتصادية تعرف بالفعل طفرة. تبادل تجاري نشط، خطوط لوجستية فتحت شهية الشاحنات، ومعبر الكركرات الذي لم يعد فقط ممرا استراتيجيا، بل “شريانًا تنمويًا”، وهي عبارة قد تبدو مأخوذة من وصفة طبية أكثر منها من تقرير اقتصادي.
أما الشق البرلماني من القصة، فقد وجد في هذا المنتدى فرصة لتثبيت موقعه كفاعل مكمل للدبلوماسية الرسمية، أو على الأقل كشاهد إثبات على حسن النية. مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية – الموريتانية، التي تم تشكيلها مؤخرًا، قد تصبح غرفة الانتظار لكل المشاريع الطموحة التي تتأرجح بين النية الطيبة والميزانية المؤجلة.
في النهاية، المنتدى ليس فقط اجتماعا ثنائيًا، بل تمرينًا في “الديبلوماسية الاقتصادية على الطريقة المغاربية”، حيث تُخلط الجغرافيا بالأشقاء، والمصالح بالدم، والتنمية بالمجاملات، ثم يُقدم الطبق على طاولة التعاون جنوب – جنوب، مزينًا بخطاب ملكي وتوصيات إستراتيجية.
هل ستكون هذه المبادرة نواة حقيقية لتكامل مغاربي طال انتظاره؟ أم مجرد صورة جماعية أخرى تضاف إلى ألبوم الدبلوماسية الموسمية؟ الجواب قد نجده على الطريق الرابط بين الداخلة ونواكشوط… حين يتم تعبيده.