شاحنة، كلب إلكتروني، وبردار اسمه سارا 38 : هكذا تُدار الوطنية على تيك توك
بوشعيب البازي
في مغرب تيك توك، لم نعد بحاجة إلى أفلام بوليسية ولا مسلسلات مافياوية… المنصة صارت تعرض لنا، مباشرة، كل يوم، حلقات من مسلسل “الوطنية المأجورة”، بطولة زعيم العصابة الرقمية كولاغيول، ومساعده المخلص “مشاكل وحلول” – اسم يختزل الواقع أكثر من أي وصف دقيق.
نحن هنا لا نتحدث عن نقاشات فكرية ولا عن دفاع راقٍ عن القضايا الوطنية، بل عن فرق إلكترونية مأجورة، وظيفتها الوحيدة: ضرب كل من يختلف، يشكك، أو حتى يتنفس خارج جوقة “الزعيم”. النقد؟ خيانة. الرأي المخالف؟ سب وشتم وتنمر مباشر على المباشر. ومن لا يعجبه الأمر، فكلاب العصابة جاهزة للنقض.
الطريف أن هؤلاء يرفعون شعار “الدفاع عن الوطن والملك”، بينما زعيمهم – كولاغيول – يملأ منصته بتفاهات تافهة لا تليق لا بالوطن ولا بالمقدسات. ومنصته مفتوحة على مصراعيها للكراغلة، الذين يقولون ما لا يُقال، دون رد فعل. أما من ينتقده من المغاربة الشرفاء، فمصيره التنكيل والإهانة.
أما الخادم المطيع، المدعو “مشاكل وحلول”، فهو شخص قرر أن ينزل من خانة الإنسان إلى وظيفة “كلب حراسة رقمي”، يتجول في التيك توك باحثًا عن “عدو الزعيم”، لينهش عرضه، يسب والدته، ويخوض في الأعراض دون وازع، ولا حساب. وهذا كله… باسم الدفاع عن الوطن، طبعًا.
الأسوأ أن هناك من يتابعهم ويصفق، ويعتقد – بغباء قاتل – أنه بذلك يحمي البلاد. يا سادة، الوطن لا يُدافع عنه بالشتم، ولا تُصان مقدساته بالتنمر والتحريض. الوطنية لا تليق بمن يعيش في شاحنة يبث منها التفاهة، وينفذ أوامر “بردار” تُدعى “سارا 38”، التي تموّله خلال البثوك مقابل طقوس الولاء والطاعة.
لكن سؤالًا بسيطًا يطرح نفسه: ماذا لو أفلست “سارا 38” ولم تعد قادرة على إرسال “التحفيزات المالية المباشرة”؟ هل سيستمر كولاغيول في خدمتها أم أنه سيتحوّل إلى ثائر عليها، مثلما يفعل مع كل من انقلب عليه أو قطع عنه الدعم؟
في الحقيقة، ما نراه ليس تأثيرًا ولا صناعة محتوى… بل احتلال رقمي لمنصة يفترض أن تكون فضاء للنقاش الحر، فإذا بها تتحول إلى ميدان معارك تقودها عصابات لا تعرف لا حرية تعبير ولا أخلاق، تتحرك بالإملاء والدفع، وتخنق كل رأي لا يعجب الزعيم.
تيك توك المغربي اليوم مختطف. والمغاربة الشرفاء يخشون التعبير خوفًا من جيش إلكتروني بلا قانون ولا كرامة. والسؤال الحقيقي: متى ستتحرك السلطات لوضع حد لهذا الابتذال المنظم؟ ومتى سنعيد الكرامة إلى منصات التواصل التي أصبحت مسرحًا لمسرحيات رخيصة… تُباع فيها الوطنية بالدرهم؟