المغرب يرحّل صحافيين إيطاليين خرقا القوانين المنظمة لزيارة الأقاليم الجنوبية
بوشعيب البازي
العيون – أعلنت السلطات المغربية عن ترحيل صحافيين إيطاليين بعد محاولتهما دخول مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء المغربية، دون الحصول على التراخيص القانونية اللازمة، وذلك في إطار احترام القوانين التي تنظّم دخول الأجانب إلى المناطق الحساسة بالمملكة.
وأفادت مصادر مطلعة بأن الصحافي ماتيو غارافوليا والمصور جيوفاني كولموني، حاولا دخول المدينة عبر الطريق البري على متن سيارة سياحية، برفقة ثلاثة أشخاص يُعرفون بدعمهم لأطروحات انفصالية، دون احترام الإجراءات المعمول بها. وأضافت المصادر أن المحاولة تأتي بعد فشل سابق للصحافييْن في الوصول إلى العيون عبر مطار الحسن الأول، ما اعتُبر إصراراً على تجاوز القوانين المغربية ذات الصلة.
وبحسب بيان غير رسمي من جهات محلية، فإن هذه المحاولة رُصدت وتفاعلت معها السلطات بسرعة، بما يعكس يقظة المصالح الأمنية والإدارية تجاه محاولات استخدام الغطاء الإعلامي لأغراض تتعارض مع السيادة الوطنية. وقد تقرر ترحيل الصحافيين برا نحو مدينة أكادير، في إطار تطبيق القانون واحترام الضوابط التنظيمية المعمول بها.
ويأتي هذا الحادث في سياق توترات إعلامية متكررة تستهدف الوضع في الصحراء المغربية، حيث سُجل في الأشهر الماضية عدد من المحاولات غير النظامية لدخول وفود أجنبية، دون التنسيق المسبق مع الجهات المختصة، وهو ما تعتبره الرباط أمراً يمس بسيادتها ويخالف الأعراف المعمول بها دولياً.
وكان المغرب قد شدد مراراً على أن أبوابه مفتوحة أمام الإعلاميين والهيئات الحقوقية الدولية، شريطة احترامهم للقانون والسيادة الوطنية، مشيراً إلى أن بعض الجهات تحاول توظيف قضايا حقوق الإنسان لأغراض سياسية. ويرى مراقبون أن هذه الأساليب تندرج ضمن حملات دعائية تُستخدم عندما تفشل المسارات الرسمية في التأثير على الموقف الدولي المتنامي الداعم لمغربية الصحراء.
وفي هذا السياق، يشير خبراء في الشأن الأمني والإعلامي إلى أن مثل هذه التحركات تأتي في إطار ما يُعرف بـ”حروب الجيل الرابع”، والتي تعتمد على نشر المعلومات المضللة وتوظيف الإعلام كوسيلة لتقويض الاستقرار الداخلي وبثّ الشكوك حول المشروعات التنموية والسياسية في الأقاليم الجنوبية.
وقال البراق شادي عبدالسلام، الخبير في تحليل الصراعات وتدبير المخاطر، إن بعض الأطراف الإقليمية، وخصوصاً الجزائر، تسعى لتكثيف الضغط على المغرب من خلال حملات إعلامية مدروسة، في محاولة للتأثير على الزخم الدولي المتزايد المؤيد لمقترح الحكم الذاتي المغربي، والذي نال دعماً متزايداً من قوى دولية كبرى.
ويُشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها رفض دخول وفود أجنبية حاولت زيارة الصحراء خارج المساطر القانونية، حيث سبق للسلطات المغربية أن منعت دخول “وفد الجمعية الدولية للمحامين من أجل الصحراء”، نظراً لعدم احترامه الإجراءات المعمول بها. وقد صاحب تلك الواقعة تغطيات إعلامية منحازة، وهو ما تعتبره الرباط محاولة لتشويه الصورة الحقوقية للمملكة.
ورغم الحملات التي تستهدفه، يواصل المغرب التأكيد على التزامه الكامل بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وفتح المجال للمنظمات المعتمدة للعمل بحرية وشفافية، ضمن ضوابط تحترم السيادة الوطنية وتمنع أي استغلال سياسي لهذا الملف.
ويؤكد متابعون أن المملكة باتت فاعلاً إقليمياً موثوقاً في قضايا الأمن والهجرة ومكافحة الإرهاب، ما يعزز من موقفها الدبلوماسي بشأن قضية الصحراء. كما أن الدعم الصريح من دول كالولايات المتحدة، إسبانيا، وألمانيا لمبادرة الحكم الذاتي، يعكس تحولاً نوعياً في فهم المجتمع الدولي لواقع النزاع المفتعل وسبل تسويته.
وفي ضوء هذه المستجدات، يدعو خبراء وسياسيون إلى تحصين المشهد الإعلامي والحقوقي الوطني من محاولات التوظيف الخارجي، ومواصلة الانفتاح على المؤسسات الجادة التي تعمل في إطار القانون، دون المساس بالثوابت الوطنية أو الانخراط في أجندات لا تخدم السلم الإقليمي.