التحالف من أجل الحكم الذاتي يدعو إلى مراجعة المقاربة الأممية بشأن النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية

ماريا الزاكي

في ختام أشغال مؤتمره السياسي الثاني المنعقد بمدينة الداخلة يومي 29 و30 أبريل الجاري، دعا “التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء المغربية” إلى تبني مقاربة أممية متجددة تتماشى مع المستجدات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، مؤكداً أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007 يشكّل الأساس الوحيد الجاد وذي المصداقية لتسوية هذا النزاع الإقليمي.

وشدد المشاركون في المؤتمر، ضمن “إعلان الداخلة” الصادر عن هذا الحدث، على مركزية الدور الذي تضطلع به الجزائر في استدامة النزاع، داعين المجتمع الدولي إلى تحميلها مسؤولياتها الكاملة، كما أشادوا بالزخم المتزايد للدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، والذي تُرجم من خلال اعتراف 116 دولة بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية ودعمهما الصريح للمخطط المغربي كحل واقعي وبراغماتي للنزاع المفتعل.

وأبرزت التدخلات خلال المؤتمر وجاهة النموذج التنموي الجديد الذي أطلقته المملكة المغربية في الأقاليم الجنوبية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وما تحقق من مشاريع استراتيجية كبرى من قبيل ميناء الداخلة الأطلسي، وخط أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، ومبادرة الواجهة الأطلسية، والتي جعلت من الصحراء المغربية جسراً محورياً بين المغرب وعمقه الإفريقي وباقي الشركاء الدوليين.

وفي هذا الإطار، أكدت ممثلة التحالف، السيدة أمل عبد الحليم أحمد الجبور، أن المؤتمر يشكّل مرحلة جديدة في تعزيز الالتفاف حول المبادرة المغربية، معتبرة أن التقدّم المحرز منذ النسخة الأولى يعكس نجاعة الرؤية المغربية وتزايد القناعة الدولية بجدوى هذا الخيار.

من جانبه، أبرز الأستاذ كريستوف بوتان، أستاذ القانون العام بجامعة كاين الفرنسية، أهمية تجديد المقاربة الأممية بما يتلاءم مع المستجدات الدولية، مشيراً إلى أن دعم قوى دولية كبرى كمثل الولايات المتحدة وفرنسا لمخطط الحكم الذاتي المغربي يدعو منظمة الأمم المتحدة إلى إعادة النظر في أدوات تدبيرها لهذا الملف.

وقد عرف المؤتمر مشاركة واسعة لعدد من الشخصيات الدولية المرموقة، من دبلوماسيين سابقين، وخبراء قانونيين، وأكاديميين، وإعلاميين من مختلف القارات، إلى جانب حضور ممثلي الساكنة المحلية، ومنتخبين، وفعاليات من المجتمع المدني بالأقاليم الجنوبية. وأكد المشاركون على الاستقرار السياسي والنهضة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة، مستدلين بفتح 32 قنصلية عامة بكل من العيون والداخلة، كدليل ملموس على الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء.

ويُعد “التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء المغربية” إطاراً دولياً مستقلاً يضم أزيد من 3 آلاف عضو من مختلف المشارب السياسية والمهنية من شتى بقاع العالم، يتقاطعون في الدفاع عن المبادرة المغربية باعتبارها حلاً سلمياً مستداماً يحترم السيادة الوطنية ويكرّس الأمن والاستقرار في المنطقة.

وفي سياق تقييم التحولات الميدانية والدبلوماسية المرتبطة بالقضية، ناقش المشاركون سبل تطوير المقاربة الأممية، من خلال التأكيد على أهمية التكيّف مع الديناميات الجيوسياسية الجديدة، وإدماج متطلبات التنمية، وتجاوز الجمود المؤسساتي الذي طبع تعامل بعض الأطراف الإقليمية مع الملف.

كما جدّد إعلان الداخلة دعوته إلى الجزائر لاحترام التزاماتها الدولية تجاه الوضع في مخيمات تندوف، مطالباً بإنهاء هذا الوضع غير القانوني، وضمان عودة آمنة وكريمة للمحتجزين فوق التراب الجزائري إلى وطنهم الأم المغرب، مع الانخراط الإيجابي والبنّاء في المسار السياسي الأممي، وفق مبادئ الواقعية والتوافق.

إن مخرجات هذا المؤتمر تشكّل لبنة جديدة في مسار تفعيل الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، وتعزيز موقع المغرب كفاعل موثوق به في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المشتركة في الفضاء الإفريقي والأطلسي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: