أغنية “لو كان البكاء يرد لي فات”: للفنان عبد العزيز أحوزار. حين يتحول الحنين إلى نشيد دائم للحسرة
بوشعيب البازي
في زمن كثرت فيه الألحان الصاخبة وغابت المشاعر الصافية، تطل علينا أغنية “لو كان البكاء يرد اللي فات ” كأنها تنهيدة طويلة من قلب لم يتوقف عن البكاء. كلماتها البسيطة، العفوية، والجارحة في صدقها، تعيدنا إلى زمن الغناء الذي كان يُصاغ من وجع حقيقي لا يُفتعل، ومن حبٍّ ضاع ولم يُعوض.
“فات نبكي عليها طول حياتي”، ليست مجرد جملة افتتاحية، بل تصريح وجودي من شخص نُزعت منه سعادته ذات يوم ولم تُعد إليه أبدًا. مع كل بيت، تتصاعد وتيرة الندم، ويُفتح جرح الذكرى على اتساعه، خاصة حين يقول: “لو كان البكاء يرد اللي فات، نبكي بنهار وبالليل نوح”. هنا لا يعود البكاء فعلًا للتنفيس، بل طقسًا يوميًا، عبادة عاشق فقد معبوده.
الأغنية تكتمل صورتها التراجيدية في البيت الأكثر قسوة: “أنا اللي خلات قلبي مجروح”. لا ملامة، لا غضب، بل تسليم تام بالخذلان، ورضا غريب بالكسرة التي تركها الفراق، كما لو أن الألم صار جزءًا من هوية الراوي.
ليست هذه الكلمات مجرد مرثية لعلاقة انتهت، بل مرآة لكل من ذاق طعم الفقد الحقيقي. إنها تذكير مؤلم بأن بعض الذكريات لا يُشفى منها، وأن بعض الأحبة إذا رحلوا، يتركون فينا نيرانًا لا تطفئها دموع، بل تزيدها اشتعالًا.
فـ”فات نبكي عليها” ليست فقط عنوانًا لأغنية حزينة، بل عنوان حياة كاملة لرجل اختار أن يكتب تاريخه بالدمع