ترحيل جماعي للمهاجرين يضع الجزائر في مواجهة المنظمات الحقوقية

حنان الفاتحي

 أعادت حملات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة، التي باشرتها الجزائر مؤخرًا، الجدل إلى الواجهة، وسط انتقادات حادة من منظمات حقوقية تتهم السلطات بانتهاك حقوق المرحلين، في حين دافع مسؤولون جزائريون عن الخطوة باعتبارها إجراءً سياديًا لحماية الأمن القومي.

وأدانت منظمات حقوقية، من بينها منظمة “هاتف إنذار الصحراء”، عمليات ترحيل مست أكثر من خمسة آلاف مهاجر أفريقي خلال الأسابيع الماضية. وأشارت المنظمة، التي تراقب حركات الهجرة في منطقة الساحل والصحراء، إلى أن السلطات الجزائرية قامت بتوقيف نحو 1800 مهاجر ونقلتهم إلى منطقة صحراوية تعرف بـ”النقطة صفر” على الحدود مع النيجر، تاركة إياهم يواجهون ظروفًا قاسية للوصول إلى أولى مراكز الاستقبال في مدينة أساماكا النيجرية.

وأكد المنسق الوطني للمنظمة، عبدالعزيز شيخو، أن 1845 مهاجرًا تم إحصاؤهم لدى وصولهم إلى أساماكا بعد حملة الترحيل الجماعي بتاريخ 19 أبريل الجاري، مشيرًا إلى أن العدد الإجمالي للمرحلين خلال هذا الشهر تجاوز أربعة آلاف شخص.

وفي رد فعل رسمي، اعتبر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن بلاده “لا تمانع الهجرة”، لكنها ترفض أن تتحول إلى “منصة لاختراق أمن البلاد وزرع خلايا تجسس أو شبكات تهدد الاستقرار”، مؤكدًا خلال لقاء مع فعاليات المجتمع المدني بمحافظة بشار، أن الجزائر ترحب باليد العاملة الأفريقية ضمن شروط قانونية صارمة تضمن احترام سيادة الدولة.

كما انتقد تبون انسحاب النيجر من الاتفاقيات الثنائية المنظمة للهجرة، متهمًا سلطات نيامي بالتنصل من التزاماتها بعد استيلاء المجلس العسكري على السلطة، مما جعل التنسيق الثنائي بشأن معالجة ملف المهاجرين أكثر تعقيدًا.

في المقابل، كثّف وزير الاتصال محمد مزيان من دعواته لوسائل الإعلام الوطنية للوقوف في وجه ما وصفه بـ”الحملات المغرضة” التي تستهدف الجزائر، مطالبًا بتسويق صورة إيجابية للبلاد وعدم الانجرار خلف التقارير الحقوقية التي وصفها بـ”المغلوطة”.

من جانبها، قالت قناة “تيلي ساحل” النيجرية إن الجزائر قامت بترحيل آلاف المهاجرين، بينهم نيجيريون، بشكل “يتعارض مع الاتفاقيات الأفريقية والدولية”، موضحة أن 2753 نيجريًا، بينهم 308 قاصرين، تم ترحيلهم بين 1 و21 أبريل الجاري.

ووفق إفادات محلية، استقبلت سلطات أساماكا هؤلاء المرحلين ضمن قوافل رسمية، بينما أجبر آخرون، معظمهم من غير النيجريين، على السير لمسافة تزيد عن 15 كيلومترًا تحت ظروف مناخية قاسية للوصول إلى مراكز الإيواء.

وكان وزير الداخلية النيجري محمد تومبا قد صرح في وقت سابق بأن استمرار استقبال المرحلين من الجزائر “يخل بالتوازن الأمني للنيجر”، داعيًا المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة إلى التدخل لإعادة هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية.

وتجدر الإشارة إلى أن عمليات الترحيل السابقة قد تسببت في احتجاجات رسمية من نيامي، حيث استدعت السلطات النيجرية السفير الجزائري للتنديد بما اعتبرته “الطبيعة العنيفة” لعمليات الطرد الجماعي.

تتواصل هذه الأزمة على خلفية توتر دبلوماسي متصاعد بين الجزائر وعدد من دول الساحل، عقب حادثة إسقاط طائرة مسيرة مالية من قبل الجيش الجزائري، وهو ما أفرز موجة من التصعيد شملت سحب السفراء وغلق المجال الجوي بين الطرفين

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: