شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الجزائر موجة من التفاعل حول وسم “#عمي_تبون_لا_تذهب_إلى_العراق”، في حملة وصفت بأنها ليست تلقائية بل “مدبرة ومنظمة”، تهدف، وفق مراقبين، إلى تعزيز صورة الرئيس عبدالمجيد تبون داخلياً، بعد تراجع ملحوظ في شعبيته.
ورغم أن الهاشتاغ يبدو في ظاهره نداءً عاطفياً “لحماية” الرئيس من مخاطر مزعومة في العراق، إلا أن طريقة تداوله والمحتوى المرفق به أثارا الكثير من التساؤلات. وقد اعتبر ناشطون جزائريون أن الأسلوب المستخدم في صياغة التعليقات لا يعكس الخطاب الشعبي العفوي، بل يحمل بصمات حملات إلكترونية موجهة، يُعتقد أن أجهزة رسمية أو شبكات مقربة من السلطة تقف وراءها.
التغريدات، التي طغى عليها الطابع العاطفي والانفعالي، امتلأت برسائل تحذر تبون من “المخاطر الأمنية في العراق” وتدعوه للبقاء “من أجل الجزائر”، بينما رأى فيها متابعون وسيلة لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية، من تدهور اقتصادي واجتماعي، إلى فقدان ثقة متزايد في القيادة السياسية.
وسرعان ما تحولت الحملة إلى مجال خصب للجدل، إذ اعتبر البعض أن الاتهامات المبطنة الموجهة للعراق تتنافى مع واقع البلاد الذي يعيش استقراراً نسبياً في المرحلة الحالية. ورد عدد من النشطاء العراقيين على مضمون الوسم بانتقادات لاذعة، واعتبروا ذلك إساءة غير مبررة قد تضر بالعلاقات الثنائية، مشيرين إلى أن “الخطر الحقيقي يواجهه الجزائريون داخل وطنهم لا خارجه”.
وأثار الوسم أيضاً سخرية وانتقاداً لخطاب “تقديس” تبون، إذ رأى معلقون أن الرئيس بات يُعامل من قبل أنصاره كرمز أبوي أو شخصية شبه مقدسة، بينما هو في الواقع مسؤول سياسي يجب أن يُحاسب لا يُمجَّد، بحسب تعبيرهم.
ويشير مراقبون إلى أن الحملة جاءت في وقت حساس، حيث يواجه الرئيس تبون انتقادات واسعة بسبب غياب الإصلاحات، وتدهور مؤشرات المعيشة، واستمرار سياسات التعتيم الإعلامي والتضييق على الحريات. واعتُبرت هذه الحملة محاولة لصنع وهم شعبي داعم، في وقت تتصاعد فيه موجات الهجرة والتذمر الشعبي من الأوضاع العامة.
الإعلام الرسمي بدوره لم يتأخر في دعم هذا التوجه، حيث كثّف من تغطيته الإيجابية للرئيس وتحركاته، بينما يواصل وزير الاتصال محمد مزيان شن هجمات ضد وسائل الإعلام الأجنبية، متّهماً إياها بـ”التآمر على الجزائر”، داعياً إلى توحيد الجبهة الإعلامية للدفاع عن البلاد. إلا أن مراقبين يرون في هذا الخطاب انعكاساً لفشل المنظومة الإعلامية الرسمية في إقناع الرأي العام، سواء داخلياً أو خارجياً.
وتتزامن هذه الضجة مع إعلان العراق عن موعد القمة العربية القادمة، والمقررة في 17 مايو 2025 ببغداد، حيث أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن بلاده اتخذت كافة الإجراءات لضمان نجاح القمة، بما يعكس وجه العراق الجديد ويعزز التعاون العربي.
وفي ظل هذا السياق، تُطرح تساؤلات حول مدى تأثير الحملات الرقمية على القرار السياسي، ومدى قدرة الإعلام الرسمي في الجزائر على لعب دور تواصلي فعّال، في وقت باتت فيه المصداقية والتأثير من أبرز التحديات التي تواجه السلطة ومؤسساتها.