كولاغيول… المؤثر الذي “وصل القمة” بالصراخ والسب تحت الحزام!

بوشعيب البازي

يبدو أن السوشيال ميديا في زمن “التأثير” أصبحت مثل حلبة مصارعة بدون حكم: كلما زاد الصراخ، ارتفع عدد المتابعين؛ وكلما هبط مستوى الأخلاق، ارتفع مؤشر “الترند”. والدليل؟ التيك توكر ياسر بولعيد، المعروف فنياً باسم “كولاغيول”، الذي يصرّ على إقناع نفسه – وربما حفنة من المتابعين – أنه بلغ قمة النجاح والنجومية… بالصراخ، وقاموس الشتائم من العيار الثقيل.

كولاغيول، الذي يفتخر بمسيرته “المجيدة” في التنمر والشتم والتصريحات “النووية” من تحت الحزام، يظن نفسه اليوم مؤثراً يغيّر عقول المغاربة ويصنع وعيهم. والحقيقة؟ كل ما يصنعه هو ضوضاء رقمية، تشبه كثيراً صوت محرك دراجة بدون كاتاليزور، يُزعج الحي ولا يصل إلى أي مكان.

القطيع الفهّام والمستنقع الأخلاقي

لكن لا يمكن أن نلوم الرجل وحده. فلكل “مؤثر” جمهوره، ولـ”كولاغيول” حفنة صغيرة من “القطيع الفهّام”، فئة من المتابعين تجد في الشتائم حكمة، وفي السباب فلسفة، وفي التهريج مشروع حياة. أولئك الذين يرون في الانحطاط الأخلاقي تحرراً، وفي الفوضى حرية تعبير، يتغذّون على المحتوى الهابط كما تتغذى الفيروسات على الفوضى.

إننا أمام ظاهرة جديدة: مؤثرون بلا مضمون، جمهور بلا مناعة فكرية، ومحتوى بلا ضمير. والنتيجة؟ تآكل ناعم في قيم المجتمع، حيث يبدأ المراهق في تقليد الأسلوب، ويظن أن النجاح يُقاس بعدد “اللايفات” و”الكلاشات”، لا بالمضمون أو الفائدة.

المفارقة أن كولاغيول يظن نفسه “أيقونة للوعي الجديد”، بينما هو أقرب إلى “إنذار مزعج” على هاتف قديم، الكل يحاول إسكاته. فكل ما يقدمه هو نسخة صاخبة من “التفاهة المغلفة بالدراما”، ظانّاً أنه كلما صرخ أكثر، زاد تأثيره. وهو لا يعلم أن من يصل إلى القمة بالصراخ… يسقط عادةً بصمت.

إذا كانت الشهرة تُقاس بعدد المتابعين، فالضجيج أيضًا له جمهور. وإذا كان “كولاغيول” قد صعد بالضجيج، فالتاريخ لا يذكر الصاخبين، بل يذكر من أحدثوا فرقًا. أما من جعلوا من “السبّ” محتوى، ومن “السوقية” مشروعاً، فمصيرهم واضح: جولة قصيرة في الترند، ثم نسيان طويل في سلة “الحظر”.

ولا تكتمل هذه “الملحمة الرقمية” دون ذكر المُشجعة الأولى، والناطقة الرسمية باسم قطيع كولاغيول: سارا 38. سارا، التي نصّبت نفسها “رئيسة مشجعي كولاغيول العالميين”، لا تترك لايفاً إلا وظهرت فيه، تُمطر صاحبها بالتصفيق الإلكتروني، وتُطلق من حين لآخر عبارات تشجيعية على شاكلة “كولاغيول فْراسي… والباقي فراسي أيضاً”. تحاول جرّ القطيع القليل الفهامة خلفها، وكأنها شيبرد رقمية، تقود جوقة التصفيق نحو الهاوية الفكرية بثقة نادرة وفلاتر كثيرة.

سارا 38، التي تُعامل كل من يخالف رأي “سيّدها” كخائن وعميل، تجتهد في تسويق التفاهة وكأنها بضاعة ثمينة، وتمنح “وسام الوطنية” لكل من يشتم ببلاغة الشارع. إنها نموذج حي لمشجعة تظن أن الصراخ في اللايفات نضال، وأن التعليقات الفارغة فكر… بينما هي فقط تُعيد تدوير الضجيج مثلما يُعاد تدوير البلاستيك، لكن بنتائج أقل فائدة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: