في مملكة تيك توك العجيبة، حيث تُمنح صكوك الوطنية بمجرد لبس قميص عليه علم، وحيث تُقاس الرجولة بعدد الشتائم في البث المباشر، يعيش بيننا نوع غريب من الكائنات الرقمية… إنه “القطيع التيكتوكي”.
القطيع، لمن لا يعرف، هم أولئك الأبطال الخارقون الذين لا يفكرون، لا يتحققون، لا يناقشون… فقط يتبعون. مؤثرهم المفضل يمكن يكون كذاب، مهرّج، أو حتى “خبير في كل شيء” من الطب النووي إلى قوانين الجاذبية… لكن بالنسبة لهم؟ هو موسوعة تمشي على قدمين.
يستيقظ القطيع صباحًا، يفتح تيك توك قبل ما يغسل وجهه، ينتظر تعليمات “القائد العظيم” اللي بيقول له:
“اليوم نهاجم فلان!”
فينطلق القطيع، مثل جيش من النحل الغاضب (بس بدون عسل)، يسبّ، يشهر، يخوّن، ويلعن الأمهات والآباء.
ولو القائد بكّى لايف؟ تنهار عاطفة القطيع. ولو ضحك؟ ضحكوا حتى وهم مش فاهمين على شو.
لأن التفكير ممنوع… والولاء الأعمى مفروض.
القطيع التيكتوكي عنده مناعة مطلقة ضد المنطق. لو المؤثر قال إن الشمس تطلع من الغرب، يروحوا يسبّوا علماء الفلك. ولو قال إن أي شخص ضده “خائن”، يبداو يسجلو شكايات وهمية ويتخيلو راسهم رجال أمن افتراضيين يخدمو الوطن من كيبورد.
والكارثة؟ أن هذا القطيع لا يهاجم فقط الناس اللي عندهم رأي مخالف، بل يهاجم حتى المنصات الجادة، الناس اللي كتخدم، اللي كتوعي، اللي كتناقش مواضيع مهمة. واش علاش؟ لأن “القائد” قال.
نعم، هاد المنصات ماشي فيها شي مشكل، ولكنها ببساطة كتسحب الأضواء من القائد… وذاك أكبر جريمة في عرف القطيع.
تيك توك ولى فيه قطيع ماشي يتبع الفكرة… ولكن يتبع الوجه. واش الوجه قال شي حاجة خايبة؟ عادي، نبررو ليه. واش قال كذبة؟ نغلفوها بمصطلحات فلسفية ونقولو “ما فهمتوش السياق”.
في الختام، إلى كل عضو من القطيع التيكتوكي نقول:
راه المتابعة ماشي بيعة، والتفكير ماشي جريمة، والرأي ماشي خيانة.
وإلا غادي تبقاو تابعين ناس، اللي كل مرة يطيحو، كتهزوهم باش يطيحوكم معاهم.