المغرب يعزز شراكته مع الاتحاد الأفريقي لبناء مستقبل أكثر استقراراً للقارة

اردان ماجدة

جسدت المباحثات الأخيرة التي أجراها مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن بالاتحاد الأفريقي مع المسؤولين المغاربة في الرباط، المكانة المتميزة التي يحظى بها المغرب داخل القارة، نظراً لدوره الفعال في بناء شراكات متوازنة وتقديم حلول ملموسة للتحديات الأمنية والتنموية التي تواجه أفريقيا.

ويأتي ذلك في سياق تأكيد المغرب لالتزامه بالبعد الأفريقي في سياسته الخارجية، حيث باتت القارة في حاجة ماسة إلى تضافر الجهود لمواجهة تصاعد الإرهاب، وتعدد بؤر النزاع، وتنامي الهجرة غير النظامية. وفي هذا الصدد، شدد بانكولي أديوي، مفوض الاتحاد الأفريقي، على أهمية التعاون الوثيق مع المغرب، مؤكداً أن المملكة تشكل شريكاً أساسياً في جهود تعزيز الأمن والحكامة والديمقراطية.

وفي لقاء جمعه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، تم التركيز على آليات تطوير مراقبة الانتخابات في أفريقيا، والارتقاء بكفاءات المراقبين لضمان نزاهة الاستحقاقات الانتخابية، في خطوة تهدف إلى دعم التحولات الديمقراطية وبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات.

وشكلت الدورة الرابعة لتكوين مراقبي الانتخابات، التي نظمت بالرباط بشراكة بين المغرب ومفوضية الاتحاد الأفريقي، منصة عملية لترسيخ هذه التوجهات. وأكد بوريطة خلالها أن المغرب يطمح إلى إعداد كفاءات أفريقية مؤهلة ترافق العمليات الانتخابية باحترافية، في انسجام مع الرؤية الملكية التي تدعو إلى قارة تقرر مصيرها بنفسها.

ومن جهته، أشاد الأكاديمي والمحلل الإستراتيجي هشام معتضد بقوة الشراكة بين الطرفين، واعتبر أن المغرب يمتلك المقومات الدبلوماسية والأمنية التي تؤهله ليكون منصة موثوقة لتحقيق الاستقرار، خصوصاً في منطقة الساحل التي تواجه تحديات أمنية متفاقمة.

كما أشار معتضد إلى أن خبرة المغرب في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف يمكن أن تترجم إلى دعم ملموس للدول الأفريقية، عبر برامج تدريب وتبادل معلومات، مما يسهم في تحصين المنطقة ضد التهديدات المتصاعدة.

وتعد مبادرات المغرب في هذا الإطار امتداداً لرؤية أوسع، يعكسها التزامه بأجندة الاتحاد الأفريقي 2063، والتي تهدف إلى بناء قارة متماسكة، تعتمد على حكامة فعالة، وسلم دائم، وتنمية شاملة.

وأكد بوريطة خلال الفعالية، أن نجاح هذه المبادرة نابع من توافق في الرؤى بين المغرب والاتحاد، قائلاً إن المملكة لا تسعى فقط لتعزيز الأمن، بل تضع نصب أعينها بناء نموذج أفريقي للحكامة الديمقراطية تنبثق معاييره من داخل القارة، لا من خارجها.

وتتجلى أبعاد هذا التوجه في السياسة المغربية من خلال عشرات الاتفاقيات الموقعة مع دول أفريقية، والتي تغطي مجالات حيوية كالبنية التحتية والطاقة والفلاحة والخدمات المالية، إلى جانب جهود المغرب في تنظيم منتديات اقتصادية وبرلمانية تعزز التعاون القاري وتكرس دور الدبلوماسية البرلمانية في حل الأزمات وتنسيق المواقف.

كما نوه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف، بدور المغرب خلال رئاسته لمجلس السلم والأمن في مارس الماضي، مؤكداً أن الرباط قدمت مساهمات قيّمة في سبيل تعزيز الاستقرار والسلم في القارة، ومشدداً على التزام الملك محمد السادس الراسخ برؤية تنموية موحدة وشاملة لأفريقيا.

في ظل تصاعد التحديات وتزايد التنافس الدولي على القارة، يبرز المغرب اليوم كشريك استراتيجي حقيقي لدول أفريقيا، ليس فقط من حيث الاستثمار والتبادل، بل أيضاً في صناعة القرار وتوجيه السياسات الإقليمية بما يضمن الأمن والاستقرار والتنمية المشتركة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: