الجزائر تفتح قنوات اتصال مع “الماك”: تحول غير مسبوق في موقف السلطة تجاه ملف القبائل

يوسف لفرج

كشفت مصادر مطلعة لموقع “ساحل أنتلجنس” عن وجود اتصالات غير مباشرة بين السلطات الجزائرية وزعيم حركة “الماك” فرحات مهني بهدف التفاوض حول منح منطقة القبائل حكماً ذاتياً في إطار السيادة الجزائرية، في خطوة تعكس تحولاً غير مسبوق في تعاطي الدولة مع هذا الملف الشائك، بعد سنوات من التصعيد والتصنيف الإرهابي للحركة.

ويأتي هذا التحول في سياق داخلي وإقليمي مضطرب تعيشه الجزائر، خصوصاً بعد فشل رهانها على دعم جبهة البوليساريو مقابل تنامي الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، ما وضع السلطات الجزائرية في عزلة متزايدة. ووفق التقرير، تم تكليف وسطاء غير رسميين للتباحث مع مهني سعياً إلى إيجاد تسوية سياسية تتضمن إنشاء برلمان إقليمي، وتكريس اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، وتوفير آليات للحكم المحلي في مجالات الاقتصاد والسياحة والصناعات التقليدية.

من جانبه، اشترط مهني وساطة دولية محايدة ورفع الحظر عن الحركة وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والاعتراف بالتعددية الأمازيغية. ويؤشر هذا التوجه الجديد إلى تآكل فعالية المقاربة الأمنية التي اعتمدتها الجزائر طيلة سنوات، ما دفع بعض الأصوات من داخل النظام للاعتراف بضرورة الحل السياسي.

وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان حركة الماك في أبريل 2023 عن “ولادة دولة القبائل” من أمام مقر الأمم المتحدة، في تحدٍ مباشر للنظام. ويُرجح مراقبون أن هذا التحول ليس فقط نتيجة لضغوط داخلية، بل أيضاً استجابة لتراجع نفوذ الجزائر إقليمياً، خاصة مع فشل استراتيجيتها في ملف الصحراء المغربية.

ويُنظر إلى هذه المفاوضات كاختبار حقيقي لقدرة النظام الجزائري على تجاوز منطق القمع نحو مقاربة أكثر شمولاً تقرّ بالتنوع وتفتح أفقاً جديداً لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة ومكونات المجتمع، في ظل ما تعيشه البلاد من تحديات سياسية واقتصادية متراكمة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: